للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قوله: (١) ولأن في التقدم زيادة الكشف، فإن قلت: لو فرضنا تقدم المرأة على جماعة النساء حين أمت لبست الثوب المحشو من فرقها (٢) إلى قدمها (٣)، وليس بينهن أحد من الرجال يكره تقدمها على النساء في الصلاة بالجماعة (٤) أيضًا بدليل إطلاق إيجاب التوسط مع أنه لا كشف فيه أصلًا، وعورة المرأة في حق المرأة مثل عورة الرجل للرجل، وفي تقدم الرجل على الرجل لم يقل أحد بزيادة الكشف، فيجب أن يكون هاهنا كذلك، فلو كانت كراهة تقدمها دائرة مع هذه العلة لجازت هناك لانعدام هذه العلة (٥).

قلت: يجب على المرأة أن تكون على أستر الأحوال خصوصًا في حق الصلاة، ولا شك أن الستر في التوسط أكثر من التقدم، وما تركت عائشة رضي الله عنها سُنة التقدم حين أمّت على ما ذكر في الكتاب إلا لأمر أوجب منها، وهو رعاية جانب الستر، وعن علي رضي الله عنه (٦) أنه قال في المرأة إذا صلت:

فلتحتفز (٧) (٨)، يعني: فلتضم، فكان أصل ترك التقدم ثابتًا بالسُّنة، وهذا التعليل لزيادة إيضاح تلك السنة، وفي الموضع الذي لا يوجد هذا التعليل (٩).


(١) بياض في (ب).
(٢) في (ب): قرنها.
(٣) تعريف الفرق والقدم: الفرق بفتح الفاء وسكون الراء من الرأس هو الفاصل بين صفين من الشعر والقدم هي الرِّجْل وجمعها أَرْجُلٌ. ينظر: أسماء القرآن في القرآن (١/ ٦)، المخصص (١/ ١٧٥).
(٤) في (ب): بالجملة.
(٥) في (ب): زيادة (وهو زيادة الكشف).
(٦) هو: علي بن أبي طالب بن عبد المطلب الهاشمي القرشي، أبو الحسن: أمير المؤمنين، رابع الخلفاء الراشدين، وأحد العشرة المبشرين، وابن عم النبي وصهره، وأحد الشجعان الأبطال، ومن أكابر الخطباء والعلماء بالقضاء، وأول الناس إسلاما بعد خديجة. ولد بمكة، وربي في حجر النبي -صلى الله عليه وسلم- ولم يفارقه. وكان اللواء بيده في أكثر المشاهد. وأقام علي بالكوفة إلى أن قتله عبد الرحمن بن ملجم غيلة في مؤامرة ١٧ رمضان سنة ٤٠ هـ.
(التاريخ الكبير: ٦/ ٢٥٩)، و (الإصابة في تمييز الصحابة: ٤/ ٥٦٤)، و (الطبقات الكبرى: ٦/ ١٢).
(٧) فلتحتفز: احْتَفزَ: تَضامَّ في سُجودِه وجُلوسِه، ومنه حديث عليّ رضي الله عنه: إذا صلَّى الرجلُ فلْيُخَوِّ، وإذا صلَّت المرأةُ فلْتَحْتَفِز، أي تتَضامَّ إذا جَلَسَتْ وتَجْتَمِع إذا سَجَدَت ولا تُخَوِّي كما يُخَوِّي الرجل.
ينظر: تاج العروس (١٥/ ١١٣)، غريب الحديث (٤/ ٢٣٨)
(٨) رواه عبد الرزاق في مصنفه (٥٠٧٢ - ٣/ ١٣٨). موقوف. لم أجد له حكم.
(٩) يُنْظَر: الْعِنَايَة شرحُ الهِدَايَة (١/ ٣٥٤).