للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وذّكَر في الخُلَاصَة الغزاليَّة (١): فلا زكاةَ فيِما اسُتخرِج من الْمَعَادِنِ سوى الذهبِ والفضةِ (٢)، ففيهما بعد التحصيلِ رُبع الْعُشْرِ على أحدَ القولين (٣)، وعلى هذا يُعتبر النصابُ، وفي الحولِ قولان (٤)، والثاني الواجبُ الخمس فعلى هذا لا يعتبرُ الحولُ، وفي النصابِ قولان، وأمّا في الكنز فقوله مثلُ قولنِا في أنُه يجبُ الخمُس فيه على ما يجيء، وفي الْأَسْرَارِ (٥).

وقال الشَّافِعِي:/ إنْ أصابَ الْفِضَّة كتلة] أي: قطعة (٦) صافيةً فيجب فيها الخمُس، وإِلاَّ فيجبُ فيها الْعُشْرِ، (٧) وقال في قولِ: يجبُ ربعُ الْعُشْرِ، وُيعتبرُ الحول، والنِصابُ، وفي قولٍ أوجبَ الْعُشْرِ كما في الحبوبِ في المعشورةِ؛ لأنّ المَعْدِنَ في الأصلِ مِن إنزالِ الأرضِ، وفي قولٍ جعله مالًا مباحًا يُمْلَكُ بالإصابةِ في دارِ الإسلامِ، فلا يجبُ فيهِ شيءٌ كالصيدِ، وإنما تجبُ الزَّكَاةُ بعد ذلك بحولٍ ونصابٍ، وأَحَتجَّ لربعِ الْعُشْرِ بما رُوي «أنّ النبيَ -عليه الصلاة والسلام- أقطعَ بلالَ بنَ حارثٍ (٨) معادِنَ بالقبليةِ» (٩) (١٠)، فهي يُؤخذُ فيها ربعُ الْعُشْرِ إلى يومِ القيامةِ، وبقوله -عليه الصلاة والسلام- «وفي الرِقَّة رُبْعُ الْعُشْرِ» (١١)، ولعلمائنا قولُ الله تعالى: {وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ} (١٢)، وإليه أشارَ مُحَمَّد بُن الحسنِ -رحمه الله- حيثُ عللَ بأنه ثُلثهُ مما أوجَفَ المسلمون عليه، وعلّل للسقوطِ بأنه مما لم يُوجفْ عليه المسلمون.


(١) يُنْظَر: الخُلَاصَة الغزاليَّة (١/ ٢٠٢).
(٢) هذا هو مذهب المالكية والمشهور من مذهب الشَّافِعِية وقالوا أن الأصل عدم الوجوب وقد ثبت في الفضة والذهب بالإجماع فيه، فلا تجب فيما سواه إِلاَّ بدليل صريح، وقال الحنفية: تجب في غير الذهب والفضة من المنطبعات كالحديد والرصاص، وقال الحنابلة: تجب في كل ما خرج من الأرض مما يخلق فيها من غيرها مما له قيمةٌ كالأثمان، أو ما قيمته نصاب من الجواهر وسائر ما يسمى معدناً.
يُنْظَر: الْمَجْمُوع (٦/ ٧٧)، الْمُغْنِي (٢/ ٦١٧)، حاشية بن عابدين (٢/ ٣٣٧).
(٣) القول الثاني أنه يجب الخمس إن ناله بلا تعب ومؤؤنه، والصحيح أنه يجب فيه ربع العُشّر وبه قال المالكية والحنابلة يُنْظَر: الْمَجْمُوع (٦/ ٨٢، ٨٣)، روضة الطالبين (٢/ ٢٨٢)، الْمُغْنِي (٢/ ٦١٨).
(٤) اختلف الفقهاء في اشتراط الحول فقال المالكية والحنفية أنه لا يشترط بل يجب في الحال، وقال الحنابلة وبعض الشَّافِعِية أنه يشترط. يُنْظَر: القوانين الفقهية (ص ١٠٢)، الْمَجْمُوع (٦/ ٨١).
(٥) يُنْظَر: الْبَحْرُ الرَّائِق (٢/ ٢٥٤).
(٦) سقطت في (ب).
(٧) يُنْظَر: روضة الطالبين (٢/ ٢٨٦).
(٨) هو: بلال بن الحارث بن عصم بن سعيد بن قرة بن خلاوة، بالخاء المعجمة المفتوحة، ابن ثعلبة بن ثور، أبو عبدالرحمن المزني، من أهل المدينة، أقطعه النبي -عليه الصلاة والسلام- العقيق، وكان صاحب لواء مزينة يوم الفتح، وكان يسكن وراء المدينة ثُمَّ تحول إلى البصرة، أحاديثه في السنن وصحيحي بن خزيمة وابن حبان، أسلم في السنة الخامسة من الهجرة (ت ٦٠ هـ).
يُنْظَر: الإصابة (١/ ٣٢٦)، تهذيب الكمال (٤/ ٢٨٣)، الثقات (٣/ ٢٨).
(٩) رَوَاهُ أبو داود في سننه، كتاب الخراج، باب في إقطاع الأرضين (٣٠٦٣)، قال الألباني في صحيح وضعيف سنن أبي داود (٧/ ٦١): ضعيف.
(١٠) القبلية: بالتحريك، هو من نواحي الفرع بالمدينة، قال العمراني: أخبرني جارالله عن علي الشريف، قال: القبلية سراة فيما بين المدينة وينبع، ما سال منها إلى ينبع سمي بالغور، وما سال منها إلى أودية المدينة سمي بالقبلية، وفيها جبال وأودية، يُنْظَر: معجم البلدان (٤/ ٣٠٧).
(١١) رَوَاهُ الْبُخَارِيُ في صحيحه، كتاب الزكاة، باب زكاة الغنائم حديث رقم (١٣٨٦)، من حديث أنس بن مالك -رضي الله عنه-.
(١٢) سورة الأنفال الآية (٤١).