للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

هناك العقد جائز في قفيز واحد، فإنه إذا اشترى قفيزاً من الصبرة جاز بالإجماع (١)؛ لأن القفزان لا تتفاوت بخلاف الغنم" (٢)، وفي الفوائد الظهيرية (٣).

فإن قيل: ما ذكره أبو حنيفة -رحمه الله- وصاحباه ينتقض بما إذا قال: كل امرأة أتزوجها فهي طالق، أو قال: كل عبد اشتريته فهو حر، فإنه ينصرف إلى كل امرأة يتزوجها، وإلى كل عبد يشتريه، فينبغي أن لا يجوز هذا على ذلك الأصل المذكور (٤) اتفاقاً، أما على قول أبي حنيفة - رحمه الله - كما في مسألة الأغنام (٥)، وأما عندهما ففيما لا يكون منتهاه معلوماً بالإشارة لا يجوز، كقول أبي حنيفة -رحمه الله- كما في مسألة الإجارة (٦)، وهذا كذلك.

قلنا: نحن ندعي ذلك فيما يجري فيه المنازعة، لا فيما لا يجري، وبه يقع الانفصال

عما ذكرتم للمشتري الخيار عند تفرق الصفقة (٧).


(١) الحاوي الكبير (٥/ ٣٢١)، المغني (٤/ ٧٨).
(٢) انظر: المبسوط للسرخسي (١٣/ ٥ ـ ٦).
(٣) الفوائد الظهرية لمحمد بن أحمد بن عمر القاضي أبي بكر البخاري، ظهير الدين، وهي فوائد على الجامع الصغير للحسام الشهيد، مات سنة تسع عشرة وست مائة رحمه الله تعالى. كشف الظنون (٢/ ١٢٩٨)، الجواهر المضية (٢/ ٢٠). والكتاب لا يزال مخطوطاً.
(٤) ينظر: اختلاف أبي حنيفة وابن أبي ليلى (ص: ٢٠٢)، الحجة على أهل المدينة (٣/ ٢٧٧).
(٥) ينظر: المبسوط للسرخسي (١٣/ ٥ - ٦).
(٦) "والإجارة لا تخلو من وجهين، إما أن تقع على وقت معلوم، أو على عمل معلوم، فإن وقعت على عمل معلوم فلا تجب الأجرة إلا بإتمام العمل إذا كان العمل مما لا يصلح أوله إلا بآخره، وإن كان يصلح أوله دون آخره فتجب الأجرة بمقدار ما عمل، وإذا وقعت على وقت معلوم فتجب الأجرة بمضي الوقت، إن هو استعمله، أو لم يستعمله، وبمقدار ما مضى من الوقت تجب الأجرة إذا وقعت على عمل معلوم، في وقت معلوم، كقوله: خِط لي هذا الثوب إلى طلوع الشمس، أو إلى غروب الشمس، أو صلاة الظهر، ونحوها، فإنها فاسدة في قول أبي حنيفة؛ لأنه لا يدري أيهما يسبق، وفي قول أبي يوسف ومحمد الإجارة جائزة؛ لأنها وقعت على العمل والوقت للتعجيل" النتف في الفتاوى (٢/ ٥٥٩).
(٧) الصفقة في اللغة: اسم الْمَرَّةِ من الصفق، وهو الضرب باليد على يد أخرى، أو على يد آخر عند البيع أو البيعة. وكانت العرب إذا وجب البيع ضرب أحد المتبايعين يده على يد صاحبه، فمن هنا استعملت الصفقة بمعنى عقد البيع نفسه، يقال: بارك الله لك في صفقة يمينك، ومنه قول عمر -رضي الله عنه-: البيع صفقة أو خيار، أي بيع بات أو بيع بخيار. هذا عن الصفقة، أما التفريق فلا يحتاج إلى التفسير اللغوي؛ لأن معناه - أو معانيه- كلها مستعملة مفهومة، ويهمنا منها المعنى الناشئ عن إضافة لفظ تفريق إلى الصفقة، وهو متحد مع المعنى الشرعي لهذا المركب الإضافي.
ومعنى تفريق الصفقة في الاصطلاح: أن لا يتناول حكم العقد جميع المعقود عليه، أو يتناوله ثم ينحسر عنه. فتكون الصفقة الواحدة المجتمعة قد تفرقت، أو تبعضت، أو تجزأت، وبكل هذه المترادفات يعبر الفقهاء فيسمونه تفرق الصفقة، أو تبعيضها، أو تجزؤها. الصحاح (٤/ ١٥٠٧)، المعجم الوسيط (١/ ٥١٧)، الدر المختار وحاشية ابن عابدين (٤/ ٥٢٦).