للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والاغتسالُ، وصَبُّ الماءِ، والتلففُ في الثوبِ المبلولِ، فقدَ قالَ أبُو حنيفةَ -رحمه الله- (١): إنهُ يُكرهُ؛ لأنهُ يُظهِرُ الضجَر في إقامةِ العبادةِ، وقالَ أبو يوسفَ -رحمه الله- (٢): لا يُكْرهُ لِمَا رُوِيَ عن النبيَّ -عليه الصلاة والسلام- «أنهُ صبَّ على رأسهِ مِنْ ماءٍ شدة الحر وهو صائم» (٣)، وعن ابنِ عُمرَ -رضي الله عنه-: «أنهُ كانَ يَبُلُّ الثوبَ ويُلَفُّ عليهِ وهو صائِمٌ» (٤)، كذا في «الإيضاح» (٥) ولا يُقال: رَوَىَ معبدُ بنُ هودةَ الأنصاري عن النبي -عليه الصلاة والسلام- قال: «عليكمْ بالإثمدِ (٦) المروحِ (٧) / وقتَ النومِ، وليتقهِ الصائِمُ» (٨)؛ لأنا نقولُ: هذا حديثٌ وَرَدَ على طريق التعطُّفِ والأسواقِ؛ لأنَّ للصومِ تأثيراً في إيراثِ اليبوسةِ، والإثمدُ كذلك، فإذا اجتمعنَ ضّرهُ ذلك، ولِأَنَّ الأُمةَ قاطبةً اجتمعتْ على الاكتحالِ يومَ عاشوراءَ، وقد نَدَبَ رسولُ اللهِ -عليه الصلاة والسلام- إلى صومِ عاشوراءَ، والاكتحالِ فيهِ، فَدلَّ أنهُ لا بَأْسَ بهِ، كذا في «الفَوَائِد الظَّهِيرِيَّة» (٩). (والدمعُ يترشَحُ كالعَرَقِ). جوابُ سؤالٍ يَردُ على قولهِ: (ليسَ بينَ العينِ، والدماغِ مَنفذٌ) (١٠) بأنْ قِيلَ: لو لم يكنْ مَنفذٌ بينهما لَمَا خرجَ الدمعُ فأجابْ عنه، وقالَ: إنما خَرجَ الدمعُ مِنَ المَسَاْمِ لا مِنَ المنافذِ والذي يضُّر الصَّوْم منِ الداخلِ هو الداخلُ مِنَ اليدِ يدخلُ مِنَ المنافذِ كمَوْضِعَي المدْخِلِ، والمخرجِ لا من المسَامِ الذي هو جميعُ البدنِ؛ لأنّ الحُكْم بينا لكَ، أي: في الرجعةِ، والمصاهرةِ أدير على السببِ (١١).


(١) يُنْظَر: بَدَائِعُ الصَّنَائع (٢/ ١٠٧)، حاشية ابن عابدين (٢/ ٤١٩).
(٢) يُنْظَر: بَدَائِعُ الصَّنَائع (٢/ ١٠٧)، الْبَحْرُ الرَّائِق (٢/ ٣٠١).
(٣) أخرجه أحمد في مسنده (٢٣٢٧١ - ٥/ ٣٨٠)، قال شعيب الأرناؤوط: إسناده صحيح رجاله ثقات رجال الشيخين.
(٤) أخرجه ابن أبي شيبة في مصنفه عنه -رضي الله عنه- (٣/ ٤٠)، باب ما ذكر في الصائم يتلذذ بالماء ولم أعثر على حكم لهذا الأثر.
(٥) يُنْظَر: الْبَحْرُ الرَّائِق (٢/ ٣٠١)، حاشية ابن عابدين (٢/ ٤١٩).
(٦) الإِثْمِدُ: بكسر الهمزة والميم الكحل الأسود، المصباح المنير (١/ ٨٤).
(٧) المُرَوَّح: أراد المطيب بالمسك فقال: مروح بالواو، إنما هو من الريح، ولذلك أن أصل الريح الواو، وإنما جاءت الواو ياء لكسرة الراء قبلها، فإذا رجعوا إلى الفتح عادت الواو، الا ترى أنهم قالوا: تروّح بالمروحة بالواو، وجمعوا الريح فقالوا: أرواح، غريب الحديث لابن سلام (١/ ٣٢٨).
(٨) أخرجه أبو داود في سننه (٢/ ٢٨٢)، باب في الكحل عند النوم للصائم، من حديث عبدالرحمن بن النعمان بن معبد بن هوذة عن أبيه عن جده، وقال أبو داود: قال لي يحيى بن معين: هو حديث منكر، يعني حديث الكحل ا. هـ، رَوَاهُ ابن ماجه في سننه (٣٤٩٦)، كتاب الطب، باب الكحل بالإثمد. من حديث جابر -رضي الله عنه-. وضعفه الألباني في ضعيف أبي داود (٥/ ٣٧٧).
(٩) يُنْظَر: الْعِنَايَة شرحُ الهِدَايَة (٢/ ٣٣١).
(١٠) يُنْظَر: الهِدَايَة شرح البداية (١/ ١٢٣).
(١١) يُنْظَر: الْعِنَايَة شرحُ الهِدَايَة (٢/ ٣٣٠).