للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

افتح باب داري هذه أو جَصِّص (١) داري هذه، أو أسرج دابتي هذه، أو أعطني سرج (٢) بغلي، أو لجام بغلي هذا فقال: نعم، فهذا إقرار لما بيَّنا أن نعم غير مفهوم المعنى بنفسه فلا بد من حمله على الجواب؛ لأنه لو لم يحمل عليه صار لغوًا. وكلام العاقل محمول على الصحة ما أمكن ولو قال: لا في جميع ذلك كان إقرارًا أيضًا في بعض نسخ كتاب الإقرار وفي بعضها لم يكن إقرارًا وأما إذا قال: لا أعطيكها اليوم أو لا أعطيكها أبدًا فهذا إقرار؛ لأنه صرح بنفي الإعطاء إما مؤبدًا أو مؤقتًا والكناية المذكورة في كلامه تنصرف إلى (٣) ما سبق وكأنه قال لا أعطيك سرج بغلك أو لجام بغلك، ولو صرح بهذا كان إقرارًا بملك اليمين فكذا في الكناية كذا في المبسوط (٤)، فقد جعل كلا طرفي كلام المجيب ههنا إقرارًا كما ترى وفي الذخيرة والفتاوى الظهيرية (٥) إذا قال المدعى عليه: (كيبس بدوز) أو كيسه بدوزِش) بكسر الزاي لا يكون إقرارًا و (وكيسه دوزَش) بفتح الزاي إقرار ولو قال: (قبض كنِش) بكسر النون لا يكون إقرارًا ولو قال: (قبض كنَش) بفتح النون أو (بكيرَش) بفتح الراء فقد اختلف المشايخ فيه وإلا صح أنه إقرار لزمه الدين حالًا وهذا عندنا، وقال الشافعي (٦) رحمه اللّه المال عليه إلى أجله لأنه أقرَّ بمال موصوف بأنه مؤجل إلى وقت فيلزمه بالوصف الذي أقرَّ به وهذا ليس بشيء. فالأجل حق لمن


(١) جَصَصَ: الجِصُّ والجَصُّ: مَعْرُوفٌ، الَّذِي يُطْلى بِهِ، وَهُوَ مُعَرَّبٌ. وجَصَصْت الدار عملتها بالجصّ يُنْظَر: لسان العرب ٧/ ١٠. المصباح المنير ١/ ١٠٢.
(٢) السَّرْجُ: رَحْلُ الدَّابَّةِ. يُنْظَر لسان العرب: (٢/ ٢٩٧).
(٣) في (أ): إلا.
(٤) يُنْظَر: المبسوط للسرخسي (١٨/ ١٦).
(٥) هو: كتاب الفتاوى الظَّهِيرِيَّة لظهير الدين أبي بكر مُحَمَّد بن أحمد القاضي الفقيه الأصولي، (ت ٦١٩ هـ). يُنْظَر: الجواهر المضيَّة ٢/ ٢٠، معجم المؤلفين ٨/ ٣٠٣.
(٦) في مذهب الشافعية يُنْظَر: الأم (٣/ ٢٤٣)، نهاية المطلب (٦/ ٤٢٩).