للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بِخِلَافِ الرَّهْنِ مِنْ رَجُلَيْنِ فَإِنَّهُ جَائِزٌ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُوْدَ مِنْ الْهِبَةِ إِيْجَابُ الْمِلْكِ، وَالْعَيْنُ الْوَاحِدُ لَا يُتَصَوَّرُ أَنْ يَكُوْنَ مَمْلُوْكًا لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا كَمَلاً (١)، فَنِصْفُ الدَّارِ شَائِعًا، وَهِبَةُ الْمُشَاعِ لَا يَجُوْزُ، وَأَمَّا الْمَقْصُوْدُ مِنْ الرَّهْنِ إِيْجَابُ الْحَبْسِ لِلْحَالِ حَتَّى يَضْجَرَ الرَّاهِنُ فَيُؤَدِّيَ دَيْنَهُ الَّذِيْ عَلَيْهِ، وَالْعَيْنُ الْوَاحِدُ يَجُوْزُ أَنْ يَكُوْنَ مَحْبُوْسًا كُلَّهُ [بِحَقِّ] (٢) هَذَا وكُلَّهُ [بِحَقِّ] (٣) الْآخَرِ، فَجَعَلْنَا الْعَيْنَ مَحْبُوْسًا بِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِكَمَالِهِ، كَمَا فِيْ تَدَاخُلِ الْعِدَّتَيْنِ فِيْ حَقِّ الْمَرْأَةِ الْوَاحِدَةِ، فَإِنَّهَا مَحْبُوْسَةٌ بِعِدَّةِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الرَّجُلَيْنِ [كَمَلَاً] (٤)، إِلَى هَذَا أَشَارَ فِيْ "مَبْسُوْطِ شَيْخِ الْإِسْلَامِ" (٥).

([فَإِنْ] (٦) أَعْطَى أَحَدَهُمَا دَيْنَهُ: كَانَ كُلَّهُ رَهْنًا فِيْ يَدِ/ الْآخَرِ (٧)؛ لِأَنَّ جَمِيْعَ الْعَيْنِ رَهْنٌ فِيْ يَدِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا) (٨).

فَإِنْ قُلْتَ: لَمَّا أَعْطَى دَيْنَ أَحَدِهِمَا صَارَ مَقْصُوْدُ ذَلِكَ الْمُرْتَهِنِ حَاصِلاً مِنْ الرَّهْنِ، وَهُوَ أَنْ يَكُوْنَ الرَّهْنُ وَسِيْلَةٌ إِلَى الْاسْتِيْفَاءِ الْحَقِيْقِيِّ، وَقَدْ وُجِدَ [لَهُ] (٩) الْاسْتِيْفَاءُ الْحَقِيْقِيُّ، [فَبَعْدَ] (١٠) ذَلِكَ صَارَ رَهْنًا كُلَّهُ فِيْ يَدِ الْآخَرِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ مِنْ غَيْرِ [بَيَانِهِ] (١١) مَنْ الَّذِيْ قَضَى دَيْنَهُ، فَيَنْبَغِيْ عَلَى هَذَا أَنْ لَوْ هَلَكَ الرَّهْنُ فِيْ يَدِ الثَّانِيْ أَنْ لَا يَسْتَرِدَّ الرَّاهِنُ مَا قَضَاهُ إِلَى الْأَوَّلِ مِنْ الدَّيْنِ، وَقَدْ صَرَّحَ فِيْ "الْمَبْسُوْطِ" بِأَنْ يَسْتَرِدَّ مِنْهُ مَا قَضَاهُ {مِنْ} (١٢) الدَّيْنِ (١٣)، فَمَا وَجْهُهُ؟


(١) كَمَلاً: أَيْ: كَامِلاً.
(٢) في (أ): (نَحْو).
(٣) في (أ): (نَحْو).
(٤) في (أ): (كَمَا).
(٥) يُنْظَر: الكفاية شرح الهداية (٤/ ١١٩٤)، بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع (٦/ ١٣٩)، الجوهرة النيرة على مختصر القدوري (١/ ٢٣٧).
(٦) في (ب): (وإِنْ).
(٧) يُنْظَر: بداية المبتدي (ص ٢٣٣).
(٨) يُنْظَر: الهداية شرح البداية (٤/ ١٥٧٥).
(٩) في (أ): (بِهِ).
(١٠) في (ب): (وَبَعْدَ).
(١١) في (ب): (نِيَابَةٍ).
(١٢) سقطت من (ب).
(١٣) يُنْظَر: المبسوط للسرخسي (٢١/ ١٢٧).