للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

ولكن الجامع بينهما هو قطع التلبية فيهما بعد الشروع في الأفعال.

(فإذا كان يوم التروية أحرم بالحجّ) (١).

وهذا الوقت ليس بلازم بل (إن شاء أحرم قبل يوم التروية، وما تقدم إحرامه بالحجّ، وهو أفضل؛ لأن فيه إظهار المسارعة، والرغبة في العبادة، ولأنه أشق على البدن، فكان أفضل) كذا في «المبسوط» (٢).

(وفعل ما يفعله الحاج المفرد) (٣).

(غير أنه لا يطوف طواف التحية)؛ لأنه لما حل صار هو والمكي سواءً، ولا تحية للمكي كذا هنا بخلاف القارن؛ لأن ميقاته لحجته وعمرته كان من الحل، فلم يضره بمعنى المكي، فيطوف طواف التحية، ولا كذلك هاهنا؛ لأنه صار في معنى المكي في حق الميقات كذا ذكره شيخ الإسلام (٤)، ولذلك قال في الكتاب: ويرمل في طواف الزيارة، ويسعى بعده؛ لأن هذا أول طواف له في الحجّ، ولو كان هذا المتمتع بعدما أحرم بالحجّ.

(طاف وسعى) (٥).

أي: طاف طواف القدوم.

(ولو كان هذا المتمتع) إلى قوله (لم يرمل في طواف الزيارة).

سواء رمل في طواف التحية أو لم يرمل؛ لأنه لما/ سعى بعده فقد سقط الرمل هنا؛ لأن الرمل إنما شرع في طواف بعده سعيٌ هاهنا، ولا سعى؛ لأنه وجد مرة فلذلك سقط الرمل، وقال: لم يرمل، ولا يسعى بعده دليل على أن طواف التحية مشروع على المتمتع حتى اعتبر رمله، وسعيه في طواف التحية.

(ثُمَّ اعتمر).

أي: أحرم للعمرة لما يذكر في الكتاب بعد هذا، وقد ذكرنا أيضًا أن صوم الثلاثة في أشهر الحجّ بعد إحرام العمرة عندنا جائز خلافًا للشافعي (٦) فإن عنده لا يجوز صوم ثلاثة أيام حتى يحرم بالحجّ، وقد ذكرناه في باب القران، ولنا أنه أدّاه بعد انعقاد سببه، فيجوز كمن أدى الزكاة قبل الحول بعد النصاب، أو جرح إنسانًا خطأً، فصام قبل الموت [كفارة] (٧) أو المسافر صام رمضان قبل أن يقيم؛ وذلك لأن السبب ما ذكره الله تعالى، وهو التمتع بالعمرة إلى الحجّ فأصل العلة التمتع بالعمرة، والشروع فيها في وقت الحجّ وصفها، والوصل بالحجّ، وهذا لأن العرب كانت ترى العمرة في أشهر الحجّ من أفجر الفجور، فنسخ الإسلام ذلك بهذه الآية.


(١) انظر: بداية المبتدي (١/ ٤٨).
(٢) انظر: المبسوط (٤/ ٣٢).
(٣) انظر: بداية المبتدي (١/ ٤٨).
(٤) انظر: المبسوط للشيباني (٢/ ٣٨١).
(٥) انظر: بداية المبتدي (١/ ٤٨).
(٦) انظر: النووي في "المجموع" (٧/ ١٨٥)، والخطيب في "مغني المحتاج" (٢/ ٢٩٠).
(٧) أثبته من (ب) وفي (أ) كعادة، ولعل الصواب ماأثبته لموافقته سياق الكلام.