للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

قوله -رحمه الله-: (وهذا هو تفسير العمرة).

وإنما لم يذكر طواف القدوم للعمرة لما أنه (ليس للعمرة طواف القدوم، ولا طواف الصدر أما طواف القدوم، فلأنه كما وصل إلى البيت تمكن من أداء الطواف الذي هو ركن في هذا النسك، فلا يشتغل بغيره بخلاف الحجّ، فإنه عند القدوم لا يتمكن من الطواف الذي هو ركن الحجّ، فيأتي بالطواف المسنون إلى أن يجيء وقت الطواف الذي هو ركن، وأما طواف الصدر فكان الحسن يقول في العمرة: طواف الصدر أيضًا في حق من قدم معتمراً إذا أراد الرجوع إلى أهله كما في الحجّ، ولكنا نقول: إن معظم الركن في العمرة للطواف، وما هو معظم الركن في النسك لا يتكرر عند الصدر كالوقوف في الحجّ؛ لأن الشيء الواحد لا يجوز أن يكون معظم الركن في نسك، وهو بعينه غير ركن في ذلك النسك) كذا في «المبسوط» (١).

(لأن العمرة زيارة البيت، وتتم به).

أي، وتتم الزيارة بوقوع البصر على البيت.

وذكر في «المبسوط» (٢): (لأن العمرة زيارة البيت، وقد تم مقصوده بوقوع بصره على البيت، ولأن هذا الطواف هو الركن في العمرة بمنزلة طواف الزيارة في الحجّ، فكما يقدم قطع التلبية هناك على الاشتغال بالطواف، فهاهنا يقدم قطع التلبية [هناك] (٣) على الاشتغال بالطواف، ولكنا نستدل بحديث ابن مسعود: «أن النبي - عليه السلام - قطع التلبية في عمرة القضاء حين استلم الحجر» (٤)، والمعنى فيه أن قطع التلبية هاهنا عند الطواف بالاتفاق؛ لأن مالكًا (٥) اعتبر وقوع بصره على البيت، ورؤية البيت غير مقصودة إنما المقصود الطواف، فينبغي أن يكون القطع من افتتاح الطواف، وذلك عند استلام الحجر كما قلنا في الحجّ أن قطع التلبية عند الرمي، وذلك مع أول حصاه يرمى بها)،


(١) انظر: المبسوط (٤/ ٣٥).
(٢) انظر: المبسوط (٤/ ٣٠).
(٣) أثبته من (ب).
(٤) أخرجه الترمذي في "سننه" باب: [مَا جَاءَ مَتَى تُقْطَعُ التَّلْبِيَةُ فِي الحَجِّ] (٣/ ٢٥٢) برقم: [٩١٩]، بلفظ: «أَنَّهُ كَانَ يُمْسِكُ عَنِ التَّلْبِيَةِ فِي العُمْرَةِ إِذَا اسْتَلَمَ الحَجَرَ» وقال: هذا حديث حسن صحيح، وأخرجه البيهقي في "السنن الكبرى" باب: [لَا يَقْطَعُ الْمُعْتَمِرُ التَّلْبِيَةَ حَتَّى يَفْتَتِحَ الطَّوَافَ] (٥/ ١٧١) برقم: [٩٤١٣]. وضعفه الألباني في "ضعيف سنن الترمذي" (١/ ١٠٧)، وصححه موقوفا على ابن عباس رضي الله عنه.
(٥) انظر: ابن عساكر في "إرشاد السالك" (١/ ٤٤)، والطرابلسي في "مواهب الجليل" (٣/ ١٢).