للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

(وَالمُطْلَقُ لَيْسَ بِمُجْمَلٍ (١) فإنَّ المطلق ممكن العمل (٢).

ألا ترى أنَّ الله تعالى أوجب الكفَّارة بتحرير رقبة مُطلَقةٍ ووجب العمل به، ولو كان مجهولاً لما وجب العمل به. كذا ذكره الإمام الكشاني -رحمه الله- (٣) (٤).

(وَلأَنَّهُ يُحْمَلُ إِجْمَالُهُمْ فِي الشَّهَادَةِ عَلَى إِجْمَالِهِمْ بِالمَشْهُودِ عَلَيْهِ (٥) هذه صيغة (٦) لفظية حسنة فالأوَّل من الإجمال في الحسيات (٧) بمعنى: الإبهام، والثاني: من الإجمال في الصنعة (٨) وهو الإحسان، هذا كله جواب لإشكال (٩) يرد على جواب الاستحسان وهو أنَّ يقال: ينبغي أن لا تقبل شهادتهم؛ لأنَّ الشُّهود في قولهم: لا ندري أصادقون أم كاذبون فعلى الوجهين لا تقبل شهادتهم لأنَّهم إن صدقوا لا يمكن القضاء بهذه الشَّهادة (١٠) [لاختلاف موجب السَّيف والعصا] (١١) وإن كذبوا صاروا (١٢) فسقة وشهادة الفاسق لا تقبل، وقال في جوابه: أنَّهم جُعِلُوا عالِمِين [بأنَّه قتله بالسَّيف] (١٣) لكنَّهم بقولهم: لا ندري، اختاروا حسبَةَ الستر على القاتل وأحسنوا له بالإحياء فجعل كذِبُهم هذا معفواً عند الله تعالى لما جاء في الحديث «ليس بكذَّاب من يصلح بين اثنين» (١٤) فبتأويلهم كذبهم بهذا لم يكونوا فسقة فتقبل شهادتهم.


(١) الهداية شرح البداية (٤/ ١٧٥).
(٢) قال الامام الشوكاني: الْمُطْلق ليس بمُجْمَلٍ لصِدْقِهِ على الكُلِّ والْبَعْضِ. نيل الأوطار (١/ ١٩٣)، وقال في تفسير المنار (٦/ ١٨٧): والتحقيق عند أهل الأصول: أن المطلق ليس بمجمل؛ لأنه يصدق على الكل والبعض، فأيهما وقع حصل به الامتثال.
(٣) هو أبو المعالي، مسعود بن الحسن بن الحسين بن محمد بن إبراهيم الكشاني الخطيب، قال السمعاني: كتبت عنه لقيته بسمرقند، روى عن الشيخ سيف الدين أبي محمد عبدالله بن علي الكندي والخطيب أبي نصر محمد بن الحسن الباهلي وشمس الأئمة السرخسي، وروى عنه الإمام الصدر الشهيد حسام الدين أبو المعالي عمر بن عبدالعزيز بن عمر بن مازة والشيخ ظهير الدين أبو المحاسن. (ت ٥٢٠ هـ).
يُنْظَر: طبقات الحنفية (١/ ٢٠٦)، الجواهر المضية (٢/ ١٦٨).
(٤) يُنْظَر: البناية شرح الهداية (١٣/ ١٥٣).
(٥) الهداية شرح البداية (٤/ ١٧٥).
(٦) وفي (ب) (صفة).
(٧) وفي (ب) (الحساب).
(٨) وفي (ب) (الصنيعة).
(٩) وفي (ب) (الإشكال).
(١٠) وفي (ب) (القضاء بالشهادة).
(١١) سقط في (ب).
(١٢) وفي (ب) (كانوا).
(١٣) سقط في (ب).
(١٤) متفق عليه من حديث أم كلثوم بنت عقبة بن أبي معيط، رواه البخاري (٢/ ٩٥٨)، في (كتاب الصلح)، في (باب ليس الكاذب الذي يصلح بين الناس)، برقم (٢٥٤٦)، بلفظ «ليس الكَذَّابُ الذي يُصلِحُ بين الناس فَيَنمِي خَيرًا أو يقول خَيرًا». ورواه مسلم (٤/ ٢٠١١)، في (كتاب البر والصلة والأدب)، في (باب تحريم الكذب وبيان المباح منه)، برقم (٢٦٠٥) بنحوه.