للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وفي الشّافي (١) إن لم يمكنه النّقل من ساعته بعذر الليل أو يمنع ذي سلطان أو عدم موضع آخر ينتقل إليه لم يحنث خلافًا لزفر -رحمه الله-؛ لأنّ حالة الضرورة مستثناة.

وكذا لو سُدَّ (٢) عليه الباب فلم يَقدر على النُّقْلَةِ، أو كان شريفًا أو ضعيفًا لا يقدر على نقل المتاع بنفسه، ولم يجد أحدًا ينقلها، لم يحنث حتى يجد من ينقلها، ويلحق الموجود بالعَدَم للعذر. كذا ذكره الإمام التمرتاشي -رحمه الله- (٣). فإن قلت: يشكل على ما ذكره الإمام التمرتاشي -رحمه الله- (٤) من عدم الحنث في حالة العذر ما ذكره الشيخ الإمام أبو بكر محمّد بن الفضل (٥) -رحمه الله- وهو (أن من قال إن لم أخرج من هذا المنزل اليوم فامرأته طالق فقيد أو منع من الخروج)، وكذا لو قال لامرأته وهي في منزل والدها إن لم تحضري الليلة منزلي فأنت طالق، فمنعها الوالد عن الحضور يحنث.

قلت: إنّما نشأ الفرق بينهما، من حيث إن شرط الحنث في مسألة الكتاب فعله من السكنى وهو أمر وجودي فيما ذكره الفضلي (٦) شرط الحنث عدم الخروج وعدم الحضور والأمر العدمي لا يتوقّف تحقّقه إلى الاختيار، بل يتحقّق العدم بدون الاختيار، وأمّا السكنى من حيث الوجود إنما يكون فعله إذا حصّله باختياره، فلما أوثقوه وغلبوا عليه ولم يتحقّق منه الانتقال بعذر من الأعذار كان هو مسكنًا، ولا يكون ساكنًا، فلا يكون شرطًا يحنث متحققًا فلا يحنث. إلى هذا أشار في الفوايد الظهيرية (٧)


(١) "الشافي في شرح الوافي" للشيخ، الإمام: حسين بن محمد السنيقاني، (السمنقاني) الحنفي، من آثاره: الشافي في شرح الوافي، وخزانة المفتين في فروع الفقه الحنفي فرغ منها سنة ٧٤٠ هـ، وسمنقان بلدة من أعمال نيسابور، تسمى سملقان ولكن المحدثين يكتبونها بالنون.
انظر: معجم المؤلفين (٤/ ٥٢)، الأعلام للزركلي (٢/ ٢٥٦)، كشف الظنون (١/ ٧٠٣).
(٢) سَدَّ: في (أ) "شهيد" والصحيح "سُدَّ" ووردة أيضاً في العناية (٥/ ١٠٧) لو سُدَّ عليه الباب فلم يقدر على النُّقلَةِ. وسُدَّ بمعنى أغلق. كما في الدر المختار (٣/ ٧٥١)، درر الحكام (٢/ ٤٦) أو أَغلَقَ عَلَيه الباب فَلَم يَستَطِع فَتحَهُ.
(٣) انظر: العناية (٥/ ١٠٧).
(٤) انظر: البناية (٦/ ١٥٦).
(٥) هو أبو بكر محمد بن الفضل بن العباس الحنفي البلخي (ت ٣١٩ هـ)، له الفتاوى وغيرها.
انظر: كشف الظنون (٢/ ١٢١٩)، ذكره: في الفتاوى الهندية (١/ ٤٣٠).
(٦) هو: محمد بن الفضل أبو بكر الفضلي الكماري، كان شيخا جليلا معتمدا في الرواية، مقلدا في الفتوى، (ت ٣٨١ هـ). انظر: الفوائد البهية (ص ١٨٤).
(٧) انظر: العناية (٦/ ١٥٦).