للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

(فصار كالتأجيل بالثمن)

أي: جوز قليله وكثيره، وإن من كان (١) يخالف مقتضى العقد لأجل الحاجة، وجواب أبي حنيفة -رضي الله عنه- عن التأجيل، هو أن الأجل يشترط للقدرة على الأداء، والقدرة على الأداء يكون بالكسب، والكسب في مرة لا يثبت له القدرة، فلابد من مدة طويلة، كذا في الجامع الصغير لصدر الإسلام -رحمه الله- (٢).

وذكر في الأسرار (٣): "هذا بخلاف الأجل (لأن الأجل) (٤) وإن أخر المطالبة بخلاف موجب العقد، وقد تبين صفة للثمن بأن كان مؤجلاً، وأنه صفة له يوجب ضرب نقصان فيه كصفة الرداءة (٥) على ما عرف، فكان ملائماً من حيث إنه بين صفة له، كما إذا اشترى عبداً على أنه سارق، أو آبق، فإنه يصح؛ لأنه عيب به، وبيان عوض البيع بما يوجب العقد فإنه مما يفسد بالجهالة، ويصح بالإعلام".

وذكر في المبسوط: "وأبو حنيفة -رحمه الله- استدل بالحديث، فإن النبي -صلى الله عليه وسلم- قدر الخيار بثلاثة أيام (٦)، والتقدير الشرعي إما أن يكون لمنع الزيادة والنقصان، أو لمنع أحدهما، وهذا التقدير ليس لمنع النقصان (٧)، فإن اشتراط الخيار/ دون ثلاثة أيام يجوز فعرفنا أنه لمنع الزيادة، إذا لو لم تمنع الزيادة لم يبق لهذا التقدير فائدة، وما نص عليه صاحب الشرع في التقدير لا يجوز إخلاؤه عن الفائدة؛ لأنه ما كان يجازف في بيان الأحكام، ثم بسبب اشتراط الخيار يتمكن معنى الغرر، بزيادة المدة يزداد الغرر، وقد كان القياس أن لا يجوز اشتراط الخيار في البيع أصلاً، وهو قياس يشده الأثر (٨) فإنه -صلى الله عليه وسلم- «نهى عن بيع الغرر» (٩) غير أنا تركنا القياس في مدة الثلاثة؛ لورود الأثر فيه.


(١) سقط من (ب).
(٢) سبق ترجمته ص ٩٥.
(٣) الأسرار (١/ ٣٠٨ - ٣٠٩).
(٤) (في (ب) وهي في هامش (أ).
(٥) " الزيادة " في (ب).
(٦) أخرجه الدارقطني في سننه من حديث ابن عمر -رضي الله عنهما- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «الخيار ثلاثة أيام» كتاب البيوع، رقم (٣٠١٢)، (٤/ ١١)، والبيهقي في السنن الكبرى، كتاب البيوع، باب الدليل على أن لا يجوز شرط الخيار في البيع أكثر من ثلاثة أيام، رقم (١٠٤٦١)، (٥/ ٤٦٠) هذا الحديث غير مخرج في "السنن"، وقال الذهبي: لم يثبت. تنقيح التحقيق لابن عبد الهادي (٤/ ١٣)، تنقيح التحقيق للذهبي (٢/ ٧٠)، نصب الراية (٤/ ٨).
(٧) زيادة في (ب) [الزيادة لا] وهذه ليست في المرجع لما نقل كلام أبي حنيفة.
(٨) "أي يقويه" كذا في (أ) فوق كلمة "يشد الاثر".
(٩) أخرجه مسلم في صحيحه وزاد "وعن بيع الحصاة" من حديث أبي هريرة، في كتاب البيوع، باب بطلان بيع الحصاة، والبيع الذي فيه غرر، رقم (١٥١٣)، (٣/ ١١٥٣)، وأبو داود في سننه، أول كتاب البيوع، باب في بيع الغرر، رقم (٣٣٧٦)، (٥/ ٢٥٩)، وابن ماجه في سننه، من حديث ابن عباس -رضي الله عنه-، كتاب أبواب التجارات، باب النهي عن بيع الحصاة وعن بيع الغرر، رقم (٢١٩٣)، (٣/ ٣١٤).