للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولهما وكذلك بغيرهما على ما يجيء ذكره في هذا الباب، وذكر في شرح الطحاوي.

أما البيع بشرط الخيار فعلى أربعة أوجه:

إما أن يكون بشرط الخيار للبائع، أو المشتري، أولهما جميعاً، أو شرط أحدهما الخيار لغيره. وذكر في المبسوط: "وإذا اشترط أحد المتابعين الخيار لإنسان من أهله، أو في غيرهم، فهو جائز عندنا بمنْزلة اشتراطه لنفسه، وقال زفر (١) -رحمه الله-: لا يجوز" (٢) على ما يجيء في الكتاب.

وفي التحفة: "وقال سفيان الثوري (٣)، وابن شبرمة (٤) -رحمها الله-: إن كان الخيار

للمشتري يجوز، وإلا فلا، وأصل هذا أن اشتراط الخيار كيف ما كان شرط ينافي موجب (٥) العقد، وهو ثبوت الملك عند العقد، وإنما عرفنا جوازه بحديث حبان بن منقذ (٦)، بخلاف القياس إلا إذا كان في معناه" (٧).

ثلاثة أيام بالرفع على الابتداء، أو بالنصب على الظرفية، أي في ثلاثة أيام.

حبان ومنقذ -بفتح الحاء المهملة، وبالياء منقطة تحتانية- روى هذا الحديث باللفظ الذي ذكر في الكتاب (٨)، وهو قد كان يغبن عن البياعات لمأمومة أصابت رأسه فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «إذا بايعت فقل: لا خلابة (٩) ولي الخيار ثلاثة أيام» (١٠)، وكان ألثغ (١١) باللام، وكان يقول: لا خذا به" كذا في المبسوط (١٢).


(١) زفر بن الْهُذيْل بن قيس الْعَنْبَري الْبَصْرِيّ، تكَرر ذكره في الهداية والخلاصة، قَالَ ابْن معِين: ثِقَة مَأْمُون. وَقَالَ ابْن حبَان: كَانَ فَقِيهاً حَافِظًا قَلِيل الخطأ، ولد سنة عشر وَمِائَة، وَتُوفِّي بِالْبَصْرَةِ سنة ثَمَان وَخمسين وَمِائَة، وَله ثَمَان وَأَرْبَعين سنة. انظر: الطبقات الكبرى (٦/ ٣٦١)، الثقات لابن حبان (ج ٦/ ص ٣٣٩)، الجواهر المضية في طبقات الحنفية (ج ١/ ص ٢٤٣).
(٢) المبسوط للسرخسي (١٣/ ٤٧).
(٣) هو أبو عبد الله، سفيان بن سعيد بن مسروق بن حبيب بن رافع بن عبد الله الثوري، الكوفى، الإمام الجامع لأنواع المحاسن، تابعي التابعين. واتفق العلماء على وصفه بالبراعة فى العلم بالحديث، والفقه، والورع، والزهد، وخشونة العيش. توفى بالبصرة سنة إحدى وستين ومائة. تهذيب الأسماء واللغات (١/ ٢٢٢ - ٢٢٣)، وفيات الأعيان (٢/ ٣٨٦)، الوافي بالوفيات (١٥/ ١٧٤).
(٤) ابن شبرمة، عبد الله بن شبرمة بن الطفيل بن حسان بن المنذر بن ضرار بن عمرو، الضبى الكوفى التابعي، فقيه أهل الكوفة، روى عن الشعبى، وابن سيرين، وآخرين. روى عنه السفيانان، وشعبة، ووهيب، وغيرهم.
توفى سنة أربع وأربعين ومائة. تهذيب الأسماء واللغات (١/ ٢٧٢)، سير أعلام النبلاء (٦/ ٣٤٧).
(٥) سقط من (ب).
(٦) سبق ترجمته ص ١٤٣.
(٧) تحفة الفقهاء (٢/ ٦٦).
(٨) قال في الهداية: "والأصل فيه ما روي أن حبان بن منقذ بن عمرو الأنصاري -رضي الله عنه- كان يغبن في البياعات، فقال له النبي -عليه الصلاة والسلام-: «إذا بايعت فقل: لا خلابة، ولي الخيار ثلاثة أيام». الهداية في شرح بداية المبتدي (٣/ ٩٤٩).
(٩) خلابة يعني الخداع يقال منه: خلبته أخلبه خلابة إذا خدعته. غريب الحديث للقاسم بن سلام (٢/ ٢٤٣).
(١٠) رواه الحاكم في المستدرك، من حديث محمد بن إسحاق عن نافع عن ابن عمر قال: كان حبان بن منقذ رجلاً ضعيفاً، وكان قد سفع في رأسه مأمومة، فجعل له رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الخيار فيما اشترى ثلاثاً، وكان قد ثقل لسانه، فقال له رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «بع وقل: لا خلابة»، فكنت أسمعه يقول: لا خذابة، لا خذابة، وكان يشتري الشيء ويجيء به أهله، فيقولون: هذا غال فيقول: إن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قد خيرني في بيعي. كتاب البيوع، وأما حديث إسماعيل بن جعفر بن أبي كثير، رقم (٢٢٠١)، (٢/ ٢٦). والبيهقي في السنن الصغير والكبير، كتاب البيوع، باب خيار المتابعين، رقم (١٨٧٠)، (٢/ ٢٤٢)، والكبير، كتاب البيوع، باب الدليل على أن لا يجوز الخيار في البيع أكثر من ثلاثة أيام، رقم (١٠٤٥٨)، (٥/ ٤٤٩).
(١١) اللثغة في اللسان، هو أن يصير الراء غيناً أو لاماً، والسين ثاءً. وقد لثغ -بالكسر- يلثغ لثغاً، فهو ألثغ، وامرأة لثغاء.
فاللَّثَغَةُ الفَمُ، واللُّثْغةُ ثِقَلُ اللسانِ بِالْكَلامِ، وَهُوَ أَلْثَغُ بيِّنُ اللُّثْغةِ وَلا يُقَالُ: بَيِّنُ اللَّثَغةِ، الصحاح (٤/ ١٣٢٥)، المصباح المنير (٢/ ٥٤٩)، لسان العرب (٨/ ٤٤٨).
(١٢) المبسوط للسرخسي (١٣/ ٤٠).