للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأمّا إذا نظرت المرأة إلى الرجل مشتهية والرجل لم ينظر إليها كانت الشّهوة موجودة من جانب واحد وهو جانب المرأة، وأمّا من جانب الرجل فلم توجد الشّهوة أصلاً لا حقيقة؛ لأنّه لم ينظر إليها، ولا حكمًا واعتبارًا؛ لأنّ الشّهوة ليست بغالبة من جانب الرجل حتّى تقوم الغلبة مقام الحقيقة حكمًا، فكانت الشّهوة من جانب المرأة لا غير؛ فلذلك استُحِبَّ لها أن تغضّ بصرها ووجب على الرجل أن يغضّ بصره إذا اشتهى في النّظر إليها (١).

وقوله: (غير موجودة في جانبه حقيقة) (٢)؛ لأنّه غير ناظر إليها، (واعتباراً) (٣) أي: غير موجودة اعتباراً لعدم غلبة الشّهوة (٤).

[نَظَرُ المرأة من المَرْأة]

([وكذا] (٥) الضّرورة تحققت إلى الانكشاف فيما بينهنّ) (٦) أي: في الحمّام (٧).

وهذا دليل على أنهن لا يمنعن عن الدّخول في الحمام خلافًا لما يقوله بعض النّاس؛ وذلك لأن العرف الظّاهر في جميع البلدان ببناء الحمامات للنساء وتمكينهنّ من دخول الحمامات دليل على صحّة ما قلنا، وحاجة النساء إلى دخول الحمامات فوق حاجة الرّجل؛ لأنّ المقصود تحصيل الزينة والمرأة إلى هذا أحوج من الرجل، ويتمكّن الرجل من الاغتسال في الأنهار والحياض، والمرأة لا تتمكّن من ذلك، إلى هذا أشار في "المبسوط" (٨).

[نَظَر الرَّجُل من أَمَتِهِ التي تحِلُّ لَه وزجَتِه]

(وينظر الرجل من أَمَتِهِ التي تحلّ له) (٩) قيّد بالحل؛ لأنّ إباحة النّظر إلى جميع بدن أَمَته مَبنيّة على حِلِّ الوطء، وفيما لا يحلّ له مِن أَمَتِه كأَمَتِه المجوسيّة، وأَمَتِه التي هِي أُخْتُه مِن الرَّضاعة كان حكمُها في النَّظَر كأَمَة الغَيْر (١٠).


(١) يُنْظَر: تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق (٦/ ١٨)، العناية شرح الهداية (١٠/ ٣٠)، رد المحتار على الدر المختار (٦/ ٣٧١).
(٢) يُنْظَر: الهداية شرح البداية (٤/ ١٤٩٠).
(٣) يُنْظَر: المرجع السابق.
(٤) يُنْظَر: العناية شرح الهداية (١٠/ ٣٠)، البناية شرح الهداية (١٢/ ١٤٧).
(٥) في (ب): (فكذا).
(٦) يُنْظَر: الهداية شرح البداية (٤/ ١٤٩٠).
(٧) يُنْظَر: العناية شرح الهداية (١٠/ ٣٠)، البناية شرح الهداية (١٢/ ١٤٨).
(٨) يُنْظَر: المبسوط للسرخسي (١٠/ ١٤٧ - ١٤٨)، العناية شرح الهداية (١٠/ ٣٠ - ٣١)، البحر الرائق شرح كنز الدقائق (٨/ ٢١٩).
(٩) يُنْظَر: بداية المبتدي (ص ٢٢٢).
(١٠) يُنْظَر: العناية شرح الهداية (١٠/ ٣١)، البناية شرح الهداية (١٢/ ١٤٩)، رد المحتار على الدر المختار (٦/ ٣٦٦).