للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وفيه دليل على أنّه إذا كان الماء في النّهر بحيث لا يجري في أرض كلّ واحد منهم إلا بالسَّكْر، فإنّه يبدأ أهل الأسفل حتّى يرووا، ثم بعد ذلك لأهل الأعلى أن يُسَكِّرُوا؛ وهذا لأنّ في السَّكْرِ إحداث شيء في وسط النّهر الْمُشْتَرَك، فلا يجوز ذلك ما بقي حق جميع الشركاء، وحق أهل الأسفل ثابت ما لم يرووا، فكان لهم أن يمنعوا أهل الأعلى من السَّكْرِ، ولهذا سماهم أُمَراء؛ لأنّ لهم أن يمنعوا أهل الأعلى من السَّكْرِ، وعليهم [طاعتهم] (١) في ذلك، ومن يلزمك طاعته فهو أميرك (٢).

بيانه في قوله -عليه السلام-: «صَاحِبُ الدَّابَّةِ [الْقَطُوْفِ (٣) (٤) أَمِيْرٌ عَلَى الرَّكْبِ» (٥)؛ لأنّه يأمرهم بانتظاره وعليهم طاعته لحق الصحبة في السّفَر (٦).


(١) في النسختين: (طاعته)، وما دوَّنتُهُ أنسب للسِّيَاق وموافقٌ للمطبوع.
(٢) يُنْظَر: المبسوط للسرخسي (٢٣/ ١٦٣)، العناية شرح الهداية (١٠/ ٨٦)، رد المحتار على الدر المختار (٦/ ٤٤٤).
(٣) القَطُوْف: الْقَطُوْفُ مِن الدَّوَابِّ: الْبَطِيء، وَقِيْلَ: الضَّيِّقُ الْمَشْيِ. يُنْظَر: طِلْبَة الطَّلَبة (ص ١٥٥)، لسان العرب (٩/ ٢٨٦).
(٤) في (أ): (العطوف).
(٥) أخرج الخطيب البغدادي في "تاريخ بغداد" (١٠/ ٣٧٧) باب (الشين) (شبيب بن شيبة أبو معمر الخطيب) قال: خْبَرَنَا الْقَاضِي أَبُو الْعَلاءِ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ الْوَاسِطِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ أَحْمَدَ الْوَاعِظُ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي دَاوُدَ، وَأَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سُلَيْمَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ خَشْرَمٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ، عَنْ شَبِيبِ بْنِ شَيْبَةَ، قَالَ: كُنْتُ أَسِيرُ فِي مَوْكِبِ أَبِي جَعْفَرٍ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ، فَقُلْتُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ رُوَيْدًا فَإِنِّي أَمِيرٌ عَلَيْكَ، فَقَالَ: وَيْلَكَ، أَمِيرٌ عَلَيَّ؟ قُلْتُ: نَعَمْ، حَدَّثَنِي مُعَاوِيَةُ بْنُ قُرَّةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-: «أَقْطَفُ الْقَوْمِ دَابَّةً أَمِيرُهُمْ»، فَقَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: أَعْطُوهُ دَابَّةً، فَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْنَا مِنْ أَنْ يَتَأَمَّرَ عَلَيْنَا.
- قال الألباني: وهذا إسناد ضعيف مرسَل، معاوية بن قرة؛ تابعي ثقة، وشبيب بن شيبة؛ وهو: أبو معمر البصري الخطيب البليغ؛ ضعيف؛ كما قال النسائي والدارقطني، وفي "التقريب": صدوق يَهِمُ في الحديث. يُنْظَر: سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة للألباني (٦/ ٥٦٥).
- وأورد ابن القيسراني في "ذخيرة الحفاظ" (١/ ٣٥٢)، والذهبي في "ميزان الاعتدال" (٤/ ١٥٢): عن الْمُعلى بن هِلَال: عَن ابْن أبي نجيح، عَن مُجَاهِد، عَن ابْن عَبَّاس، أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: «إِذَا كَانَ الْقَوْمُ فِي سَفَرٍ، كَانَ أَمِيرُهُمْ أَقْطَفُهُمْ دَابَّة»، وقالا: فيه معلَّى بن هلال، كذَّاب.
(٦) يُنْظَر: المبسوط للسرخسي (٢٣/ ١٦٣).