للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والثاني: هو أنّ المسُتخَرجَ منِ البحرِ لا خمُسَ فيهِ عندهما، وعندهُ فيه الخمس.

والثالث: الزِئبقُ يجبُ الخمس فيه عندهما، وعنده لا يجب.

والرابع: مُحَمَّد مع أبي يُوسُف هو أن المعدِن إذا وجده في الدارِ عند أبي حَنِيفَةَ لا خمسَ فيه، وعندهما يجب الخمس فيه، (مَتاع وُجِدَ رِكازًا) (١)، انتصابه على الحالِ، أي: وُجِدَ المتاعُ حالَ كونِه رِكازًا لا حالَ كونِه لُقُطَةً، ولا حالَ كونه موضوعًا في البيتِ، وغيرهما من التقدير؛ لأن الاسَم غيرُ الصفةِ، والمصدر بمنزلتهما في باب الحال، يقول: هذا بُسرًا أطيبُ منه رَطبًا، وإنما أبهَم لفظُ الرِّكَازِ، ولم يفسْرهُ بالكنز، أو بالمعدن، كما كان فسرهُ فيما قَبْلُ لمِا أنّ الكنزَ والمعدنِ لا يتفاوتان في هذا الحُكْمِ، لما أنَّ المسألةَ مفروضةٌ فيما إذا وَجَدَ المتاعُ في أرضٍ لا مالكَ لها، والحكم فيه لذلك كما ذكرنا في الموجود من الذَّهَبِ والْفِضَّة، وإنما ذَكَرَ هذه المسألة بعد ذِكرِ هذا الحُكم في الذَّهَبِ والْفِضَّة؛ ليبينَ أنّ وجوبَ الخُمس لا يتفاوت بين أنْ يكون الرِّكَاز من النقَدين أو غيرهما بخلاف الزكاة؛ فإنها تتفاوت حيثُ لا تجبُ الزكاة في المتاعِ الذي لغيرِ التجارةِ لما أنّ وجُوبَ الخُمس هنا باعتبارِ الغنيمة، وفي اسم الغنيمةِ كلُّ المالِ سواءً بعد أنْ ثبتَ الانتقال مِن أيدي الكفرة إلى أيدي المسلمين بطريق القهر والغلبةُ حقيقةً أو حكمًا (٢).

وقال في "الفَوَائِد الظَّهِيرِيَّة ": والمتاعُ ما يتمتع به في البيت من الرصاص ونحَوْه، أي: ينتفع به، وقيل: المراد به الثياب؛ لأنَّهُ يستمتع بها (٣).

قلت: وتفسيرهم بالذَّهَبِ والْفِضَّة مما لا يكادُ يصح؛ لأنه حينئذ يقع مكررًا محضًا مِن غيرِ فائدةٍ في حقِّ الذَّهَبِ والْفِضَّة، ولِأَنَّ لفظ الْكِتَاب بقوله: لأنهُ غنيمةٌ بمنزلةِ الذَّهَبِ والْفِضَّة ينادي بأنّ المراد به غيرُ الذَّهَبِ والْفِضَّة، ولا يلزم أن يكون المَقِيسُ، والمَقِيسُ عليه واحدًا، وهو محُال وقالَ أبو اليسرِ -رحمه الله-: هذا الحكمُ في المتاعِ فيما إذا عَلِمَ أنهُ للكفار؛ لأنه والذَّهَبُ والْفِضَّة سواء، والله أعلمُ بالصواب (٤).


(١) يُنْظَر: الهِدَايَة (١/ ١٠٩).
(٢) يُنْظَر: فَتْحُ الْقَدِيرِ (١/ ٥٤٠)، وبَدَائِعُ الصَّنَائع (٢/ ٦٦).
(٣) يُنْظَر: الْعِنَايَة شرحُ الهِدَايَة (٢/ ٢٤١).
(٤) يُنْظَر: المرجع السابق (٢/ ٢٤١).