للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وذكر في «المبسوط»: وأبو حنيفة وأبو يوسف -رحمهما الله- احتجا بحديث السائب بن يزيد -رضي الله عنه- (١) أنَّ النَّبي -عليه السلام- «قضى في الدية بمائة منالإبل أرباعاً (٢) ومعلوم أنَّه لم يُرد به الخطأ؛ لأنَّها في الخطأ تجب أخماساً فعرفنا أنَّ المراد به شبه العمد، وقال: «فِي النَّفْسِ المُؤْمِنَةِ (٣) مَائَةٌ مِنَ الإِبِلِ (٤) (٥)، والمراد أدنى ما يكون منه وما قلناه أدنى والمعنى فيه أنَّه إنَّما تجب الدية عوضاً عن المقتول والحامل لا يجوز أن تستحق في شيء من المعاوضات لوجهين:


(١) أبو عبدالله السائب بن يزيد بن سعيد المدني، ابن أخت نمر وذلك شيء عرفوا به، وكان جده سعيد بن ثمامة حليف بني عبد شمس، ولد في السنة الثالثة من الهجرة، وقال: حج بي أبي مع النبي -صلى الله عليه وسلم- وأنا ابن سبع سنين. وروى عن عمر وعثمان وغيرهم، قال ابن كثير: له نصيب من صحبة ورواية. وقال عطاء مولى السائب بن يزيد كان شعر السائب من هامته إلى مقدم رأسه أسود وسائر رأسه ولحيته وعارضيه أبيض فقلت له ما رأيت أحدا أسود شعرا منك فقال مر بي رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا ألعب مع الصبيان فمسح يده على رأسي وقال بارك الله فيك فهو لا يشيب أبدا (ت ٩١ هـ). يُنْظَر: سير أعلام النبلاء (٣/ ٤٣٧)، الوافي بالوفيات (١٥/ ٦٣).
(٢) بحثت عنه بهذا اللفظ ولم أجده. وقد ذكره السرخسي في المبسوط (٢٦/ ٧٧)، والزيلعي في تبيين الحقائق (٦/ ١٢٦)، والدهلوي في شرح سنن ابن ماجه (١٨٩). وفي تكملة البحر الرائق (٨/ ٣٧٣).
(٣) كذا في (أ) و (ب)، وفي متن الهداية (في نفس المؤمن).
(٤) وهذا الحديث قطعة من كتاب عمرو بن حزم، رواه النسائي (٤/ ٢٤٥)، في (كتاب القسامة)، في (باب عقل الأصابع)، برقم (٧٠٥٨)، عن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم عن أبيه عن جده أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كتب إلى أهل اليمن بكتاب فيه الفرائض والسنن والديات وبعث به مع عمرو بن حزم فقرئت على أهل اليمن وهذه نسختها «من محمد النبي صلى الله عليه وسلم إلى شرحبيل بن عبد كلال والحارث بن عبد كلال ونعيم بن عبد كلال قيل ذي رعين ومعافر وهمدان أما بعد وكان في كتابه أن من اعتبط مؤمنا قتلا عن بينة فإنه قود إلا أن يرضى أولياء المقتول وأن في النفس الدية مائة من الإبل وفي الأنف إذا أوعب جدعه الدية وفي اللسان الدية وفي الشفتين الدية وفي البيضتين الدية وفي الذكر الدية وفي الصلب الدية وفي العينين الدية وفي الرجل الواحدة نصف الدية وفي المأمومة ثلث الدية وفي الجائفة ثلث الدية وفي المنقلة خمس عشرة من الإبل وفي كل أصبع من أصابع اليد والرجل عشر من الإبل وفي السن خمس من الإبل وفي الموضحة خمس من الإبل وأن الرجل يقتل بالمرأة وعلى أهل الذمة ألف دينار». وأخرجه أبو داود في المراسيل (٢١١)، في (باب كم الدية)، برقم (٢٥٧). قال يعقوب بن سفيان: لا أعلم في جميع الكتب كتابا أصح من كتاب عمرو بن حزم. يُنْظَر: تهذيب الكمال (١١/ ٤١٩)، وقال أحمد بن حنبل: كتاب عمرو بن حزم في الصدقات صحيح. يُنْظَر: تنقيح تحقيق أحاديث التعليق (٢/ ١٧١).
(٥) الهداية شرح البداية (٤/ ١٧٧).