للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ (١) -رحمه الله- (٢): لَا تَقْدِيرٌ فِي الْأَوَامِرُ (٣) وَالْآيَةُ قُرْآنٌ حَقِيقَةً، وَحُكْماً أَمَّا حَقِيقَةً فَلَا شَكَّ وامَّا حُكْماً؛ فَلِأَنَّهَا تَحْرُمُ قِرَاءَتُهَا عَلَى الْحَائِضِ، وَالْجُنُبِ، وامَّا مَا دُونَ الْآيَةِ فَلَيْسَ لَهَا حُكْمُ الْقُرْآنِ، وَلِهَذَا لَا يَحْرُمُ عَلَى الْجُنُبِ، وَالْحَائِضِ قِرَاءَتُهُ، هَكَذَا ذَكَرَهُ الطَّحَاوِيُّ كَذَا فِي " الْمُحِيطِ " (٤) أَيْضاً.

وَحَاصِلُ هَذَا الْكَلَامِ؛ يَرْجِعُ إِلَى أَصْلٍ مَذْكُورٍ فِي أُصُولِ الْفِقْهِ؛ وَهُوَ أَنْ تَكُونَ (٥) الْحَقِيقَةُ الْمُسْتَعْمَلَةُ (٦) أَوْلَى مِنَ الْمَجَازِ الْمُتَعَارَفِ عِنْدَهُ، وَعِنْدَهُمَا الْمَجَازُ الْمُتَعَارَفُ أَوْلَى وَعَلَى هَذَا أَيْضاً مَسْأَلَةِ الْخُطْبَةِ فِي الْجُمُعَةِ.

قَوْلُهُ: (لَيْسَتْ فِي مَعْنَاهُ) الضَّمِيرُ رَاجِعٌ إِلَى مَا دُونِ الْآيَةِ، أَيْ: لَيْسَتْ فِي مَعْنَى مَا (٧) دُونَ الْآيَةِ لِوُقُوعِ الْفَرْقِ بَيْنَهُمَا فِي الْحُكْمِ كَمَا ذَكَرْنَا.

قوله -رحمه الله-: (وَلِأَنَّ السَّفَرَ) (٨) إِلَى آخِرِهِ هَذَا التَّعْلِيلِ مُخَالِفٌ لِمَا ذُكِرَ فِي طَرَفِ تَعْلِيلِ أَبِي حَنِيفَةَ فِي مَسْأَلَةِ الْأَرْوَاثِ فِي بَابِ الْأَنْجَاسِ (٩) وَقَدْ ذَكَرْنَا هُنَاكَ (١٠).


(١) في النسخة (أ): قال أبو ح، والمثبت من (ب).
(٢) ينظر: " تبيين الحقائق للزيلعي " (١/ ١٢٨: ١٢٩)، و" الْعِنَايَة شرح الهداية للبابرتي " (١/ ٣٣٢: ٣٣٣)، و"البناية شرح الهداية للعيني" (٢/ ٣٠٣).
(٣) في (ب): (الأمر).
(٤) "المحيط البرهاني لإبن مازة " (١/ ٢٩٨).
(٥) (تَكُونَ) زيادة من (ب).
(٦) في (ب): (المُتعلمة).
(٧) في (ب): (فيما دون).
(٨) قال في "الهداية في شرح بداية المبتدي للمرغيناني" (١/ ٥٥): (ولأن السفر أثر في إسقاط شطر الصلاة فلأن يؤثر في تخفيف القراءة أولى وهذا إذا كان على عجلة من السير وإن كان في أمنة وقرار يقرأ في الفجر نحو سورة البروج وانشقت لأنه يمكنه مراعاة السنة مع التخفيف).
(٩) في (ب): (الأجناس).
(١٠) ينظر إلي تفصيل ذلك في (باب الأنجاس) من هذا الكتاب عند شرح قول صاحب الهداية: (وقد أثَّرت في التخفيف مرَّة حتى يطهر بالمسح فيكفي مؤنتها).