للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

(أو في الثاني)

أي: في الزمن الثاني، بأن البيع في مثله يجوز كما في بيع الجحش والمهر، وهو إعارة أو إجارة؛ لأنه (١) شرط ترك الثمار على النخيل فلا تخلو، إما أن يذكر لها الأجر، أو لم يذكر، فإن ذكر فهو إجارة، وإلا فهو إعارة.

(واستحسنه محمد للعادة)

أي: أجاز محمد شرى الثمرة إذا تناهى عظمها، بشرط الترك استحساناً لتعارف الناس به، (ولو اشتراها مطلقاً)

أي: لو اشترى الثمر التي لم يتناه عظمها من غير شرط الترك، وتركها تصدق بما زاد في (٢) ذاته، بأن يقوِّم ذلك قبل الإدراك، ويقوِّم بعد الإدراك، فيتصدق بما زاد من قيمته إلى وقت الإدراك (٣)، ولكن من وقت البيع؛ لأن الزيادة حصلت بقوة الأرض المغصوبة؛

(لأن هذا تغير حالة)

أي: من النيء إلى النضج، لا يتحقق زيادة في الجسم؛ لأن الكلام فيما إذا تناهى عظمها لعدم التعارف؛ لأن التعارف لم يجر فيما (٤) بين الناس، باستئجار الأشجار والحاجة، أي ولعدم الحاجة؛ لأن الحاجة إلى ترك الثمار على النخيل إنما يتعين إن لو لم يكن له مخلص سوى الاستئجار، وههنا يمكن للمشتري أن يشتري الثمار مع أصولها، فيتركها على الأشجار على ما ذكرنا، فلا يجوز له الاستئجار الذي هو غير متعارف، فبقى الإذن معتبراً، فيطيب له الفضل (٥).

فإن قيل: لا نسلِّم بقاء الإذن، فإن الإذن إنما يثبت في ضمن الإجارة، فلما بطلت الإجارة التي هي المتضمنة بطل الإذن المبني عليهما (٦)، لما أن بطلان المتضمِّن يوجب بطلان المتضمَّن كالوكالة الثابتة في ضمن الرهن، يبطل الوكالة عند بطلان الرهن (٧).


(١) "لو" زيادة في (ب).
(٢) "على"في (ب).
(٣) سقطتا من (ب).
(٤) "فيها" في (ب).
(٥) قال في الهداية: "وإن اشتراها مطلقاً وتركها على النخيل وقد استأجر النخيل إلى وقت الإدراك طاب له الفضل؛ لأن الإجارة باطلة؛ لعدم التعارف والحاجة، فبقي الإذن معتبراً، بخلاف ما إذا اشترى الزرع واستأجر الأرض إلى أن يدرك وتركه حيث لا يطيب له الفضل؛ لأن الإجارة فاسدة للجهالة فأورثت خبثاً" الهداية في شرح بداية المبتدي (٣/ ٩٤٧).
(٦) "عليها" في (ب).
(٧) قال الكاساني: "وأما بيان ما ينعزل به العدل ويخرج عن الوكالة وما لا ينعزل، فنقول: التسليط على البيع إما أن يكون في عقد الرهن، وإما أن يكون متأخراً عنه، فإن كان في العقد فعزل الراهن العدل لا ينعزل من غير رضا المرتهن؛ لأن الوكالة إذا كانت في العقد كانت تابعة للعقد، فكانت لازمة بالعقد، فلا ينفرد الراهن بفسخها، كما لا ينفرد بفسخ العقد، وكذا لا ينعزل بموت الراهن، ولا بموت المرتهن؛ لما ذكرنا أن الوكالة الثابتة في العقد من توابع العقد، والعقد لا يبطل بالموت، فكذا ما هو من توابعه، وإن كان التسليط متأخراً عن العقد فللراهن أن يعزله، وينعزل بموت الراهن أيضاً؛ لأن التسليط المتأخر عن العقد توكيل مبتدأ، فينعزل الوكيل بعزل الموكل وموته وسائر ما يخرج به الوكيل عن الوكالة. " بدائع الصنائع (٦/ ١٥١).