للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ثم الزيادة تعتبر من حيث الأوقات، اختلفوا في أنّ الزيادة على اليوم والليلة تُعتبر بالساعات أم بالصلوات، وذكر الكرخي -رحمه الله- (١) أن المعتبر الزيادة على يوم وليلة بالصلوات، وذكر الفقيه أبو جعفر -رحمه الله- (٢) اختلافًا بين أبي يوسف ومحمد؛ عند أبي يوسف: من حيث الساعات، وهو رواية عن أبي حنيفة.

وعند محمد -رحمه الله-: تُعتبر من حيث الصلوات ما لم يصير الصلوات شيئًا لا يسقط عنه القضاء، وإن كان من حيث الساعات أكثر من يوم وليلة، وهو الأصح، وإنما يظهر ثمرة الاختلاف فيما إذا أغمى عليه عند الضحوة، ثم أفاق من الغد قبل الزوال بساعة، فهذا أكثر من يوم وليلة من حيث الساعات، فلا قضاء عليه في قول أبي يوسف، وعلى قول محمد يجب عليه القضاء؛ لأنّ الصلوات لم تزد على خمس، هذا الذي ذكرنا إذا دام الإغماء، فلم يُفق إلى تمام يوم وليلة، وزيادة فإن كان يفيق ساعة، ثم يعاوده الإغماء لم يذكره محمّد في الكتاب، وأنّه على وجهين: إن كان لإفاقته وقت معلوم نحو أن يخف مرضه عند الصبح، فيفيق قليلًا، ثم يعاوده الإغماء، فهو إفاقة معتبرة تبطل حكم ما قبلها من الإغماء إن كان أقل من يوم وليلة. وأمّا إذا لم يكن لإفاقته وقت معلوم، لكنه يفيق بغتة، فيتكلم بكلام الأصحاء، [ثم يغمى عليه بغتة، فهذه الإفاقة غير معتبرة، ألا ترى أن المجنون قد يتكلم في جنونه بكلام الأصحاء] (٣)، ولا يُعدّ [منه ذلك] (٤) [إفاقة] (٥). كذا ذكره شمس الأئمة الحلواني (٦). كذا في «المحيط» (٧).


(١) عبيد الله بن الحسين بن دلال بن دلهم أبو الحسن الكرخي كرخ حدان، انتهت إليه رياسة أصحاب أبي حنيفة بعد أبي خازم وأبي سعيد البردعي، وانتشرت أصحابه، وعنه أخذ أبو بكر الرازي وأبو عبد الله الدامغاني وأبو علي الشاشي وأبو القاسم علي بن محمد التنوخي، وكان كثير الصوم والصلاة صبورًا على الفقر والحاجة ولما أصابه الفالج آخر عمره، كتب أصحابه إلى سيف الدولة بن حمدان بما ينفق عليه فعلم بذلك فبكى وقال: اللهم لا تجعل رزقي إلا من حيث عودتني فمات قبل أن يصل إليه صلة سيف الدولة وهي عشرة آلاف درهم وكان من تولى القضاء من أصحابه هجره مولده سنة ستين ومائتين، وتوفي ليلة النصف من شعبان سنة أربعين وثلاث مائة. ينظر: تاريخ بغداد: ١٠/ ٣٥٣، تاريخ الإسلام: ١٥/ ٤٢٦، الجواهر المضية: ١/ ٣٣٧.
(٢) سبق ترجمته (ص ٥٧).
(٣) ما بين معكوفين ساقط من (ب).
(٤) في (ب): "ذلك منه".
(٥) [ساقط] من (أ).
(٦) ينظر: العناية شرح الهداية ٢/ ١٠، الجوهرة النيرة: ١/ ٨١.
(٧) ينظر: المحيط البرهاني: ٢/ ٢٧٨، ٢٧٩.