للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

(وَهُوَ الصَّحِيحُ) احتراز عن قول محمّد بن مقاتل الرازي (١)؛ فإنّه يقول: لا يمنع المحرم من الزّيارة في كلّ شهر، كذا في النفقات البرهانية؛ لأنّ لها أن تأخذ من مال الزّوج حقّها من غير رضاه.

فإن قيل: يشكل على هذا ما لو أحضر صاحب الدّين غريمًا أو مودعًا للغائب، وهما معترفان بأن هذا المدّعى له على الغائب لا يأمر القاضي بقضاء دينه من الوديعة من الدّين، وإن كانا معترفين بالدّين وبمال الغائب، قلنا: لأنّ القاضي إنّما يأمر في حقّ الغائب [بما] (٢) هو نظر له وفي الأمر باتفاق المرأة نظر له بإبقاء ملكه وليس في قضاء الدّين إبقاء ملكه بل فيه قضاء عليه بقول الغير إلى هذا أشار في «المبسوط» (٣).

[قوله] (٤): لاسيّما وهو مركّب من "لا" و"سيّ"، والسيّ الميل، أصله سوي قلبت واوه ياء وأدغمت، و"ما" يحتمل أن تكون زائدة، كقوله تعالى: {فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ} (٥)، فعلى هذا يكون الاسم الذي يجيء بعده مجروراً، ويجوز أن تكون موصولة، فكان ما بعده مرفوعًا، على أنّ المرفوع خبر مبتدأ محذوف، وهو هو فعلى هذا رُوي قول امروء القيس: (ولاسيّما يومًا بداره جلجل)، بالجرّ والرفع ويروى بالنّصب على وجه الاستثناء، وهو حرف استثناء بمعنى ألا مع زيادة معنى، فإنّ إلا لإخراج المستثنى عن حكم ثبت لغيره، كالمجيء الثابت لغير زيد في جاءني القوم إلا زيدًا، ولاسيّما لإخراج المستثنى عن حكم ثابت لغيره، ولكن بإثبات ما هو الأفضل له، يقول: أكرمني القوم لاسيّما زيدًا، والمعنى أكرمني زيد كإكرامهم بل إكرامه أبلغ من إكرامهم، كذا في الإقليد، وههنا -أيضاً- معناه على وجه الاستثناء، أي: إقرار صاحب اليد مقبول في حق نفسه، لاسيّما إقرار صاحب اليد ههنا، فإن قبول إقراره لأجل الغائب كقبول إقرار صاحب اليد في سائر المواضع، بل ههنا أبلغ فإن الحق كما يثبت بالإقرار في سائر المواضع كذلك يثبت بالبيّنة -أيضاً-، وههنا لا يثبت بالبينة، وأحرى أن يثبت هذا الحق بالإقرار ولا يلزم إهدار إثبات الحق أصلاً.

لَوْ أَنْكَرَ أَحَدَ الْأَمْرَيْنِ، أي الزوجية والوديعة، لا يقبل بينة المرأة فيه، فإنّه ذكر في «المبسوط»: وإن أحضرت المرأة غريمًا للزّوج أو مودعًا وجحد المديون أو المودع الزّوجية بينهما، أو المال في يده، لم يقبل القاضي بينتها على شيء من ذلك (٦).


(١) ينظر: المحيط البرهاني في الفقه النعماني (٣/ ٥٥٣).
(٢) سقطت من (أ).
(٣) المبسوط للسرخسي (٥/ ١٩٧).
(٤) سقطت من (أ).
(٥) سورة آل عمران: ١٥٩.
(٦) المبسوط للسرخسي (١١/ ٤٣).