للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ثُمَّ الخارجان إذا ادّعيا ملكًا مطلقاً وأقاما البينة على ذلك يقضي بالملك بينهما نصفين عندنا (١).

وعلى قول مالك (٢) -رحمه الله- يقضي بأعدل البينتين وعند الأوْزَاعِيِّ (٣) -رحمه الله- يُقضي لأكثرهما عددًا في الشهود (٤) وعند الشَّافِعِيِّ -رحمه الله- (٥) كما ذكر في الْكِتَابِ (٦) فمالك (٧) -رحمه الله- يقول: الشهادة إنما تصير حجة بالعدالة والأعدل في كونه حجة أقوى والضعيف لا يزاحم [القوي] (٨) والأوزاعي (٩) -رحمه الله- يقول طمأنينة القلب إلى الجماعة أكثر منها إلى قول المثنى فيترجّح أكثرهما شهودًا بزيادة طمأنينة القلب في قولهم والشافعي -رحمه الله- (١٠) على القول الذي يقول بالتهاتر يقول: قد تيقن القاضي بكذب أحد الفريقين ولا يعرف الصادق من الكاذب فيمتنع [من] (١١) العمل بهما كما لو شهد شاهدان أنّه طلق امرأته يوم النحر بمكة وآخران أنّه أعتق عبده بالكوفة في ذلك اليوم وهذا لأنّ تهمة الكذب تمنع العمل بالشهادة فالتيقّن أولى واستدلّ بملك النكاح لو تنازعا اثنان في امرأة وأقام كلّ واحد منهما البينة أنها امرأته لم يقض القاضي لواحد منهما وعلى القول الذي يقول بالقرعة (١٢) استدلّ بحديث سعيد بن المسيب -رضي الله عنه- أنّ رجلين تنازعا في أمةٍ بين يدي رسول الله -عليه السلام- وأقام كل واحد منهما البينة أنّها أمته فأقرع رسول الله -عليه السلام- بينهما فقال: «اللهم أنت تقضي بين عبادك بالحق» (١٣) ثُمَّ قضى بها لمن خرجت قرعته.


(١) يُنْظَر: بدائع الصنائع؛ للكاساني (٦/ ٢٣٤).
(٢) يُنْظَر: المدونة (١٣/ ٣٧)، الكافي في فقه أهل المدينة (٢/ ٩٢٧).
(٣) عبد الرحمن بن عمرو بن يحمد الاوزاعي، إمام الديار الشامية في الفقه والزهد، وأحد الكتاب المترسلين. ولد في بعلبك، ونشأ في البقاع، وسكن بيروت وتوفي بها (ت ١٥٧ هـ) له كتاب (السنن) في الفقه، و (المسائل) ويقدر ما سئل عنه بسبعين ألف مسألة أجاب عليها كلها. يُنْظَر: الأعلام للزركلي (٣/ ٣٢٠).
(٤) يُنْظَر: المغني (١٤/ ٢٨٨).
(٥) (اختلف أصحابنا على وجهين: فمنهم من قال: لا حكم لإقراره، ومنهم من قال: تترجح بينة المقر له).
يُنْظَر: نهاية المطلب في دراية المذهب؛ للجويني (١٩/ ١٦٧).
(٦) المقصود بالكتاب: مختصر القُدُورِي (١/ ٢١٨).
(٧) يُنْظَر: الذخيرة؛ للقرافي (١٠/ ٢٣٥).
(٨) (الأقوى) في (ب) و (ج).
(٩) عند الحنابلة في هذه المسألة روايتان: الأولى: وهي المذهب وعليه جماهير الأصحاب تسقط البينتان، ويقترع المدعيان على اليمين، كما لو لم تكن بينة والرواية الثانية: تستعمل البينتين، وفي كيفية استعمالهما روايتان، إحداهما: تقسم العين بينهما، والثانية: تقدم إحداهما بالقرعة. يُنْظَر: المغني (١٤/ ٢٩٤)، الإنصاف (٢٩/ ١٧٥ - ١٧٦).
(١٠) يُنْظَر: الوسيط (٧/ ٤٣٢).
(١١) [ساقط] من (أ) و (ج).
(١٢) القرعة والاقتراع: الاختيار. يقال: اقترع فلان، أي اختير. يُنْظَر: الصِّحَاح؛ للجوهري (٣/ ٣٩٩).
(١٣) أخرجه أبو داود في المراسيل، باب ما جاء في الشهادات، رقم (٣٨٨)، (٤٤٤ - ٤٤٥)، والبيهقي في الكبرى، كتاب الدعاوى والبينات، باب المتداعيين يتداعيان ما لم يكن في يد واحد منهما ويقيم كل واحد منهما بينة بدعواه، برقم (٢١٧٦٩)، (١٠/ ٢٥٩)، عن ابن المسيب مرسلاً، وقال الألباني: إسناده مرسل صحيح، يُنْظَر: الإرواء (٨/ ٢٧٨)، ورواة الطبراني في الأوسط، باب من اسمه علي، برقم (٣٩٨٥)، (٤/ ٢٠٤)، والبيهقي في الكبرى، كتاب الدعاوى والبينات، باب المتداعيين يتداعيان ما لم يكن في يد واحد منهما ويقيم كل واحد منهما بينة بدعواه، برقم (٢١٧٧٢)، (١٠/ ٢٥٩)، مرفوعًا عن أبي هريرة، قال ابن حجر: إسناده حسن، يُنْظَر: الدراية في تخريج أحاديث الهداية (٢/ ١٧٨)، تنبيه: في كلا الروايتين إبهام المختصم فيه، ولم أقف على تعيين المختصم فيه بأنه أمة، والله أعلم.