للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ورُوي أنّ رجلين تنازعا في بغلة بين يدي علي -رضي الله عنه-، وأقام أحدهما شاهدين والآخر خمسة من الشهود فقال علي -رضي الله عنه- لأصحابه: (ماذا ترون)؟ فقالوا: يقضي لأكثرهما شهودًا قال: (فلعل الشاهدين خير من خمسة ثُمَّ قال في هذا قضاء وصلح أما الصلح فإن تجعل البغلة بينهما سهاماً على عدد شهودهما، وأمّا القضاء فإن يحلف أحدهما ويأخذ البغلة فإن تشاحا على الحلف أقرعت بينهما وقضيت بها لمن خرجت قرعته) (١)؛ ولأنّ استعمال القرعة لتعيين المستحق أصل في الشّرع كما في قسمة المال المشترك.

ولنا حديث تميم بن طرفة الطائي -رضي الله عنه- «أن رجلين تنازعا في عين بين يدي رسول الله -عليه السلام-، وأقاما البينة فقضى به رسول الله -عليه السلام- بينهما نصفين» (٢)، وعن أبي الدرداء (٣) -رضي الله عنه- أن رجلين اختصما بين يديه في شيء وأقاما البينة فقال: "ما أحوجكما إلى سلسلة كسلسلة بني إسرائيل كان داود -عليه السلام- إذا جلس لفصل القضاء تدلت [نزلت] (٤) سلسلة من السماء فأخذت بعنق الظالم، ثُمَّ قضى به رسولنا -عليه السلام- بينهما نصفين" (٥).


(١) أخرجه ابن أبي شيبة في مصنفه، كتاب البيوع، باب في الرجلين يختصمان في الشيء فيقيم أحدهما بينته، برقم (٧) (٥/ ١٣٥)، وعبد الرزاق في مصنفه، برقم (١٥٢٠٢ - ١٥٢٠٣) (٨/ ٢٧٦)، وأبو داود كتاب الأقضية، باب الرجلين يدعيان شيئاً وليست لهما بينة، برقم (٣٦١٣) (٤/ ٣٧)، والبيهقي في السنن الصغرى، باب الرجلين يتنازعان شي في أيديهما، برقم (٤٣٩٤)، (٩/ ٢٥١)، وفي معرفة السنن والآثار برقم (٢٠٢٩٦) (١٤/ ٣٥٩). قال الزيلعي: هَذَا مُنْقَطِعٌ. يُنْظَر: نصب الراية (٤/ ١٠٩).
(٢) أخرجه الإمام أحمد في مسنده، حديث أبي موسى الأشعري، برقم (١٩٦٠٣)، (٣٢/ ٣٧٨)، وأبو داود، كتاب الأقضية، باب في الرجلين يدَّعيان شيئًا وليست لهما بينة، برقم (٣٦١٠)، (٤/ ٢٢٦)، والنسائي في الكبرى، كتاب القضاء، باب الشيء يدعيه الرجلان ولكل واحد منهما بينته، برقم (٥٩٩٧)، (٣/ ٤٨٧)، وأخرجه ابن ماجه بلفظ: "ليس لواحدٍ منهما بينة"، كتاب الأحكام، باب الرجلان يدعيان السلعة وليس بينهما بينة، برقم (٢٣٣٠)، (٤/ ١٩ - ٢٠)، والحديث فيه اضطراب في السند، فمرة يروى موصولاً، ومرةً يروى موقوفًا، وفيه كذلك اضطراب في المتن، فقد روى بألفاظ مختلفة، وقد ضعفه الألباني، وأورد الزيلعي احتمالاً أنه حديثان، وليسا حديثًا واحدًا، واستبعد ذلك البيهقي، وقال: والحديث معلول عند أهل الحديث مع الاختلاف في إسناده، وقال الحاكم: صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي.
يُنْظَر: أرواء الغليل (٨/ ٢٧٣)، نصب الراية (٤/ ١٠٩)، السنن الكبرى للبيهقي (١٠/ ٢٥٧).
(٣) عويمر بن عامر بن مالك بن زيد بن قيس بن أمية بن عامر بن عدي بن كعب بن الخزرج بن الحارث بن الخزرج وقيل: اسمه عامر بن مالك وعويمر لقب. تأخر إسلامه قليلا كان آخر أهل داره إسلاما وحسن إسلامه. وكان فقيها عاقلا حكيما آخى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بينه وبين سلمان الفارسي وقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "عويمر حكيم أمتي" اشتهر بالشجاعة والنسك وولاه معاوية قضاء دمشق بأمر عمر بن الخطاب، وهو أول قاض بها. قال ابن الجزري: كان من العلماء الحكماء. وهو أحد الذين جمعوا القرآن، حفظا، على عهد النبي -صلى الله عليه وسلم- بلا خلاف مات بالشام. سنة ٣٢ هـ. يُنْظَر: أسد الغابة (١/ ١١٦٨)، الاعلام للزركلي (٥/ ٩٨).
(٤) [ساقط] من (ب).
(٥) أخرجه البيهقي في الكبرى، كتاب الدعاوى والبينات، باب المتداعيين يتداعيان ما لم يكن في يد واحد منهما ويقيم كل واحد منهما بينة بدعواه، برقم (٢١٧٧٦)، (١٠/ ٢٦٠)، ولكنه موقوف على أبي الدرداء، وليس مرفوعًا، وذكر الزيلعي أن أبا إسحاق رواه موقوفًا أيضًا، إلا أني لم أقف عليه في مسنده، والله أعلم.