للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

(لِما قُلْنا) وهو قوله: (لأنَّه لمَّا أقام سَنَة بعد تقدُّم الإمام إليه صار ملتزمًا الجزية).

وَذكر الإمام قاضي خان -رحمه الله-: فإذا مَضت سَنَة بعد مُضيِّ المدّة المضروبة كان عليه الخراجلأنَّه إنَّما صار ذمِّيًا بمجاوزة المدّة المضروبة، فيُعتبر الحول بعدما صار ذميًا إلا أنْ يكونَ شَرَط عليه أنَّه إذا جاوز السَّنة يأخذ منه الخراج، فحينئذٍ يأخذه منه، وَإذا (١) وضع عليه الخراج فهو ذمي. وكذلك لو لَزِمه عَشْرٌ في قياس قول محمد بأن اشترى أرضًا عشرية (٢) لأنَّهما جميعًا من مُؤَن الأرض (٣)؛ كذا ذكره فخر الإسلام.

(لأنَّ خراج الأرض بمنزلة خراج الرَّأس) لأنَّ كلًّا منهما مِن أحكام دارنا، فلمَّا رَضِي بوجوب الخراج عليه رضي بأنْ يكونَ من أهل ديارنا (٤).

(فتعتبر المُدَّة مِن وَقت وجوبه) أَي: وجوب الخراج.

وقوله: (في الكتاب: فإذا وضع عليه الخراج فهو ذِمي، تصريح بشرط الوضع (٥) أي: في جَعلِه ذمِّيًا، ومن المشايخ من قال: يصير ذمِّيًا بنفس الشِّراءلأنَّه لما اشترى أرض خراجٍ، وحكم الشَّرع فيها وجوب الخراج، صار ملتزِمًا حكمًا من أحكام الإسلام؛ كذا ذكره الإمام قاضي خان (٦).

وذكر في الفوائد الظّهيرية: والمراد مِن وضْع الخراج: التزام خَراج الأرض بمباشرة سَبَبه، وهو الزِّراعة، أو تعطيلها عنها مَع التمكُّن منها، وهو الصَّحيح. فدلَّت (٧) المسألة على أنَّه لا يصير ذمِّيًا بنفس الشراء (٨).


(١) في (ب) "فإذا".
(٢) الأراضي نوعان: عشرية وخراجية، أمّا العشرية فمنها أرض العرب كلها قال محمد -رحمه الله-: وأرض العَرب من العذيب إلى مكة وعدن أَبين إلى أقصى حجر باليمن بمهرة، وذكر الكرخي هي أرض الحجاز وتهامة واليمن ومكّة والطائف والبريّة، وإنّما كانت هذه أرض عُشر لأنّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- والخلفاء الرَّاشدين بعده لم يأخذوا من أرض العرب خراجًا فدلّ أنّها عشرية إذ الأرض لا تخلو عن إحدى المؤنتين ولأنّ الخراج يشبه الفيء فلا يثبت في أرض العرب كما لم يثبت في رقابهم والله أعلم. بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع (٢/ ٥٧).
(٣) ينظر تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق وحاشية الشلبي (٣/ ٢٦٩)، ينظر العناية شرح الهداية (٦/ ٢٣).
(٤) في (ب) "دارنا".
(٥) الجامع الصغير وشرحه النافع الكبير (ص: ٣٢١).
(٦) يقصد بالكتاب هنا أي: الجامع الصّغير، ثُمّ نقل صاحب العناية قول الإمام قاضي خان، وعقب بقوله: "وليس بصحيح لما أشار إليه المصنف من قوله: لأنَّه قد يشتريها للتجارة". ينظر العناية شرح الهداية (٦/ ٢٤).
(٧) في (ب) "ودلت".
(٨) المرجع السابق.