للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وفي «المحيط» (١): تكبير التشريق سنة أجمع أهل العلم على العمل بها، والأصل فيه قوله تعالى: {وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ} (٢) جاء في التفسير (٣): أن المراد منه أيام العشر، وعن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: «أفضل ما قلت، وقالت الأنبياء قبلي يوم عرفة: الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله، والله أكبر الله أكبر ولله الحمد» (٤)، وعن جابر - رضي الله عنه -: «[أنه] (٥) صلّى الفجر يوم عرفة، وكبّر هكذا» (٦).

وقد اختلفت الصحابة في ابتدائه، وانتهائه، وأمّا الاختلاف في ابتدائه (٧) فكبار الصحابة عمر، وعلي، وابن مسعود - رضي الله عنهما - قالوا: يبدأ بالتكبير من صلاة الغداة يوم عرفة (٨)، وبه أخذ علماؤنا في ظاهر الرواية، وهو (٩) أحد أقوال الشافعي، وصغار الصحابة كعبد الله بن عباس، وعبد الله بن عمر، وزيد بن ثابت (١٠) - رضي الله عنهما - قالوا: يبدأ بالتكبير من صلاة الظهر من يوم النحر؛ لأن الجهر بالتكبير بدعة (١١).

قال الله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ} (١٢) أي: الجاهرين بالدعاء، فكان الأخذ بالأقل أولى. كذا في «الفوائد» (١٣).

وقال الله تعالى: {وَاذْكُرْ رَبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعًا وَخِيفَةً وَدُونَ الْجَهْرِ} (١٤)، ورأى النبي -صلى الله عليه وسلم- أقوامًا يرفعون أصواتهم عند الدعاء، فقال: «إنكم لن تدعوا أصمَّ، ولا غائبًا» (١٥)، (١٦) ومن حجة أبي حنيفة -رحمه الله- أن البداية (١٧) لما كانت في يوم يؤدى به ركن الحج، فالقطع مثله يكون في يوم النحر الذي يؤدّى فيه ركن الحج، وهو الطواف. كذا في «المبسوط» (١٨).


(١) ينظر: المحيط البرهاني: ٢/ ٢٣٠.
(٢) سورة البقرة من الآية: (٢٠٣).
(٣) ينظر: الجامع لأحكام القرآن: ٣/ ١.
(٤) أخرجه الطبراني فى «الدعاء»: (١/ ٢٧٣ - رقم ٨٧٤). قال المباركفوري في (تحفة الأحوذي: ١٠/ ٣٣): قال القاري: رواه الطبراني وسنده حسن جيد كما قاله الأذرعي.
(٥) [ساقط] من (ب).
(٦) أخرجه الزمخشري مرفوعًا. ينظر: الكشاف: ١/ ٢٧٤.
(٧) في (ب): "الابتداء".
(٨) ذكره السرخسي. ينظر: المبسوط: ٢/ ٧٦.
(٩) في (ب): "وهذا".
(١٠) زيد بن ثابت بن الضحاك الانصاري الخزرجي، أبو خارجة: صحابي، من أكابرهم. كان كاتب الوحي. ولد في المدينة ونشأ بمكة، وهاجر مع النبي صلى الله عليه وسلم وهو ابن ١١ سنة، وتوفي سنة ٤٥ هـ. له في كتب الحديث ٩٢ حديثًا. ينظر: الثقات لابن حبان: ٣/ ١٣٥، التاريخ الكبير: ٣/ ٣٨٠، (الإصابة في تمييز الصحابة: ٢/ ٥٩٢.
(١١) ذكره برهان الدين في ينظر: المحيط البرهاني: ٢/ ٢٣٠.
(١٢) سورة البقرة من الآية: (١٩٠)، سورة المائدة من الآية: (٨٧).
(١٣) ينظر: الجامع لأحكام القرآن: ٧/ ٢٢٦.
(١٤) سورة الأعراف من الآية: (٢٠٥).
(١٥) أخرجه البخاري في «صحيحه» (٤/ ٥٧)، كتاب الجهاد والسير، باب ما يكره من رفع الصوت في التكبير، رقم (٢٩٩٢). ومسلم في «صحيحه» (٤/ ٢٠٧٦)، كتاب الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار، باب استحباب خفض الصوت بالذكر، رقم (٢٧٠٤)، من حديث أبي موسى رضي الله عنه.
(١٦) ينظر: كشف الأسرار: ٤/ ١٠٧.
(١٧) في (ب): "البدعة".
(١٨) ينظر: المبسوط للسرخسي: ٢/ ٧٧.