للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولأن تحقق (١) القصاص الذي ينبئ عن المساواة فيما ذكرنا لأن فيه مساواة في الأصل والوصف إذ فيه اعتبار (٢) المساواة في الفعل والمقصود بالفعل.

وحجَّتنا في ذلك ظاهر (قَوْلُهُ -عليه السلام-: «لا قَوَدَ إِلا بِالسَّيْفِ» (٣) (٤) وهو تنصيص على نفي استيفاء القود بغير السّيف.

والمعنى فيه آلة (٥) قتل يستحق (٦) شرعًا فيستوفى بالسيف كقتل المرتد (٧).

فإن قيل: يحتمل أن يكون المراد من الحديث أي: لا قود يجب إلا بالسيف لا أن يكون معناه لا قود يستوفى إلا بالسيف.

قلنا: القَود اسم لفعل (٨) هو جزاء القتل كالقصاص دون ما يجب شرعًا وإن حمل عليه كان مجازاً (٩).

ولأن القود قد يجب بغير السيف كالقتل بالنَّار والإِبرة فلم يمكن حمله عليه لوجود وجوب القود بدون القتل بالسيف، وإنما السيف مخصوص الاستيفاء وقال النبي -عليه السلام-: «لا تُعذبوا أحدًا بعذاب الله تعالى» (١٠) وقال: «لا يُعذِّب بالنَّار إلا ربها» (١١).


(١) وفي (ب) (تحقيق).
(٢) وفي (ب) (باعتبار).
(٣) رواه ابن ماجه (٢/ ٨٨٩)، في (كتاب الديات)، في (باب لا قود إلا بالسيف) برقم (٢٦٦٧). ورواه البيهقي (٨/ ٦٢)، باب (ماروي في أن لا قود إلا بحديدة)، برقم (١٥٨٦٨) ثم قال: أخبرناه أبو بكر بن الحارث أنبأ أبو محمد بن حيان ثنا عبد الغفار الحمصي ثنا المسيب بن واضح ثنا بقية عن أبي معاذ فذكره وكذلك رواه عامر بن سيار عن أبي معاذ سليمان بن أرقم وروي عن سليمان عن عبدالكريم بن أبي المخارق عن إبراهيم عن علقمة عن عبدالله مرفوعا، وروي ذلك عن معلى بن هلال عن أبي إسحاق عن عاصم عن علي رضي الله عنه مرفوعا. وهذا الحديث لم يثبت له إسناد، معلى بن هلال الطحان متروك وسليمان بن أرقم ضعيف ومبارك بن فضالة لا يحتج به وجابر بن يزيد الجعفي مطعون فيه.
(٤) الهداية شرح البداية (٤/ ١٦١).
(٥) وفي (ب) (أنه)، وهي الصواب لموافقتها سياق الكلام، وهكذا جاءت في المبسوط.
(٦) وفي (ب) (مستحق)، وهي الصواب لموافقتها سياق الكلام، وهكذا جاءت في المبسوط.
(٧) يُنْظَر: المبسوط؛ للسرخسي (٢٦/ ١٢٥، ١٢٦).
(٨) وفي (ب) (لقتل).
(٩) يُنْظَر: العناية شرح الهداية (١٥/ ١٤٤).
(١٠) رواه البخاري (٣/ ١٠٩٨)، في (كتاب الجهاد والسير)، في (باب لا يعذب بعذاب الله)، برقم (٢٨٥٤)، بلفظ «لا تعذبوا بعذاب الله».
(١١) رواه أحمد (٣/ ٤٩٤)، برقم (١٦٠٧٧)، بلفظ «لا يعذب بالنار إلا رب النار». ورواه أبو داود (٣/ ٥٤)، في (كتاب الجهاد)، في (باب في كراهية حرق العدو بالنار)، برقم (٢٦٧٣)، بلفظ «لا يعذب بالنار إلا رب النار».