للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والمعنى: أن المستحق بالقصاص إنما يستوفى بالطريق الذي يتيقن أنه طريق له، وحز الرقبة يتيقن بأنه طريق استيفاء القتل، فأما قطع اليد لا يكون طريقاً لذلك إلا بشرط وهو السراية وذلك بضعف الطبيعة عن دفع أثر الجراحة ولا يعرف ذلك عند القطع، وما يتعلق بالشرط لا يكون ثابتًا قبل الشرط، فقبل السِّراية هذا الفعل غير القتل فلا يكون مشروعًا فضلاً من أن يكون مستحقاً.

ولا يقال: لا يقع (١) الناس (٢) في الابتداء من أن يكون هذا الفعل مؤثراً في تحصيل المقصود ما لم يبرأ منه، لأنَّا نقول: إن كان لا يقع (٣) الناس (٤) عن ذلك فإنه يؤدي إلى تأخير (٥) تحصيل المقصود فكما لا يجوز إبطال مقصود صاحب الحق لا يجوز تأخيره (٦).

وأما حديث اليهودي فقد روي «أنَّ الصَّبِيَّة أدركت وبها رمق فقيل لها قتلك (٧) فلان اليهودي فأشارت برأسها أي (٨) نعم فأمر النبي -عليه السلام- بقتل اليهودي» (٩) وبإشارتها لا يجب القصاص فعلم أنَّ اليهودي كان مشهورا به وآيس عن توبته عن ذلك «فأمر برضخ رأسه بين الحجرين» (١٠) على طريق السِّياسَة لكونه ساعياً في الأرض بالفساد.


(١) كذا في (أ) و (ب)، ولعل الصواب (يقمع) لموافقته سياق الكلام كما في المبسوط.
(٢) وفي (ب) (اليأس).
(٣) كذا في (أ) و (ب)، ولعل الصواب (يقمع) لموافقته سياق الكلام كما في المبسوط.
(٤) وفي (ب) (اليأس).
(٥) كذا في (أ) وهي مثبتة بهامش (ب).
(٦) يُنْظَر: المبسوط؛ للسرخسي (٢٦/ ١٢٦).
(٧) وفي (ب) (أقتلك).
(٨) وفي (ب) (أن).
(٩) الحديث متفق عليه، رواه البخاري (٦/ ٢٥٢١)، في (كتاب الديات)، في (باب إذا قتل بحجر أو بعصا)، برقم (٦٤٨٣)، من حديث أنس بن مالك-رضي الله عنه- قال: «خرَجَتْ جَاريَةٌ عليها أوْضَاحٌ بالْمَدِينَةِ قال فرَمَاهَا يَهُوديٌّ بحَجَرٍ قال فَجيءَ بها إلى النبي صلى الله عليه وسلم وبها رمَقٌ فقال لها رسول اللّهِ صلى الله عليه وسلم فُلانٌ قتَلَكِ فرَفَعَتْ رأْسَهَا فأَعَادَ عليها قال فُلانٌ قتَلَكِ فرَفَعَتْ رأْسَهَا فقال لها في الثَّالثَةِ فُلانٌ قتَلَكِ فخَفَضَتْ رأْسَهَا فدَعَا بهِ رسول اللّهِ صلى الله عليه وسلم فقَتَلَهُ بين الْحجَرَيْنِ».
ورواه مسلم (٣/ ١٢٩٩)، في (كتاب القسامة والمحاربين والقصاص والديات)، في (باب ثبوت القصاص في القتل بالحجر وغيره من المحددات والمثقلات وقتل الرجل بالمرأة)، برقم (١٦٧٢) نحوه.
(١٠) سبق تخريجه (ص ٢٥٠).