للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

قَالَ شَمْسُ الأَئِمَّةِ السَّرْخَسِيُّ -رحمه الله-: (أَخَذْنَا بِقَوْلِ الشَّعْبِيِّ وَهُوَ اعْتِبَارُ تَغَيُّرِ القُرْصِ، لِأَنَّ تَغَيُّرَ الضَّوْءِ يَحْصُلُ بَعْدَ الزَّوَالِ) (١).

وَفِي " المُحِيطِ ": (وَبِهِ كَانَ يَقُولُ مَشَايِخُ بلخ (٢)، وَالشَّيْخُ الإِمَامُ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الفَضْلِ -رحمهم الله-، ثُمَّ تَكَلَّمُوا فِي مَعْرِفَةِ التَّغَيُّرِ فِي القُرْصِ، قَالَ بَعْضُهُمْ: إِذَا قَامَتِ الشَّمْسُ لِلْغُرُوبِ، قَدْرَ رُمْحٍ أَوْ رُمْحَيْنِ؛ لَمْ تَتَغَيَّرْ، وَإِذَا صَارَتْ أَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ؛ فَقَدْ تَغَيَّرَتْ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: يُوضَعُ طَشْتُ (٣) مَاءٍ فِي صَحْرَاءٍ، وَيُنْظَرُ فِيهِ فَإِنَّ كَانَ القُرْصُ يَبْدُو لِلنَّاظِرِ؛ فَقَدْ تَغَيّرَتْ) (٤).

وَقَالَ بَعْضُهُمْ بِمَا ذُكِرَ فِي الكِتَابِ، فَكَانَ تَفْسِيرُهُ بِقَوْلِه -رحمه الله-: (وَهُوَ أَنْ يَصِيرَ بِحَالٍ لَا تَحَارُ فِيهِ الأَعْيُنُ)؛ احْتِرَازًا عَنْ هَذَيْنِ التَّفْسِيرَيْنِ، وَكَانَ قَوْلُهُ: (هُوَ الصَّحِيحُ) احْتِرَازًا عَنْ اعْتِبَارِ بَعْضِهِمْ التَّغَيُّرَ (٥) فِي الضَّوْءِ عَلَى مَا حَكَيْنَا، فَفِي كُلِّ لَفْظٍ مِنْ أَلْفَاظِه -رحمه الله- لَوْ فَتَّشْتَهُ تَجِدُ فِيهِ فَائِدَةً جَدِيدَةً وَعَائِدَةً عَتِيدَةً (٦) جَزَاهُ اللهُ عَنَّا خَيْرًا.


(١) ينظر: "المَبْسُوطِ" للسرخسي (١/ ١٤٤).
(٢) بلخ: مدينة مشهورة بخراسان ومن أجل مدنها خضعت بعد موت الأسكندر الكبير للحكم السلوقي زمنا ثم خرجت عليه وانضمت إِلَى فارس وكانت مركزا للثقافة اليونانية وسوقا نشطا للتجارة. تقع عَلَى الشاطئ الجنوبي لنهر جيحون وهي اليوم من بلاد الأفغان وينسب إليها كثير من العلماء منهم الحافظ أبو بكر عبد الله بن جياش البلخي والحسن بن شجاع أبو علي البلخي المحدث وأبو إسحاق إبراهيم بن يوسف الباهلي البلخي وجلال الدين الرومي الزاهد المتصوف وغيرهم. انظر: " معجم البلدان لياقوت الحموي (١/ ٤٧٩)، "آثار البلاد وأخبار العباد للقزويني" (ص: ٣٣١).
(٣) فِي (ب): (طست). والصحيح (ب). ينظر: "المحيط البرهاني لإبن مازة " (١/ ٢٧٥).
(٤) ينظر: "المحيط البرهاني لإبن مازة " (١/ ٢٧٥).
(٥) فِي (ب): (للتغير).
(٦) فِي (ب): (عبيدة).