للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَذَكَرَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرْخَسِيُّ -رحمه الله-: (وامَّا التَّكْبِيرُ فَلَا بُدَّ مِنْهُ لِلشُّرُوعِ فِي الصَّلَاةِ، إِلَّا عَلَى قَوْلِ أَبِي بَكْرٍ الْأَصَمِّ، وَإِسْمَاعِيلَ بْنَ عُلَيَّةَ، فَإِنَّهُمَا يَقُولَانِ يَصِيرُ شَارِعًا بِمُجَرَّدِ النِّيَّةِ، وَالْأَذْكَارُ عِنْدَهُمَا كَالتَّكْبِيرِ، وَالْقِرَاءَةِ، زِينَةُ الصَّلَاةِ، وَلَيْسَتْ مِنَ الْوَاجِبَاتِ، قَالَا لِأَنَّ مَبْنِيَّ الصَّلَاةِ عَلَى الْأَفْعَالِ، لَا عَلَى الْأَذْكَارِ، أَلَا تَرَى أَنَّ الْعَاجِزَ عَنِ الْأَذْكَارِ [كَانَ] (١) الْقَادِرَ عَلَى الْأَفْعَالِ يَلْزَمُهُ الصَّلَاةُ، بِخِلَافِ الْعَكْسِ/ وَلَنَا قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى} (٢) أَيْ ذَكَرَ اللَّهَ تَعَالَى عِنْدَ افْتِتَاحِ الصَّلَاةِ، وَظَاهِرُ (٣) قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي} (٤) تَبَيَّنَ أَنَّ الْمَقْصُودَ ذِكْرُ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى وَجْهِ التَّعْظِيمِ، فَيَبْعُدُ أَنْ يُقَالَ مَا هُوَ الْمَقْصُودُ لَا يَكُونُ وَاجِباً؛ فَإِنَّ الصَّلَاةَ تَعْظِيمُ اللَّهِ تَعَالَى بِجَمِيعِ الْأَعْضَاءِ، واشْرَفُ الْأَعْضَاءِ اللِّسَانِ؛ [لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى مَنَّ عَلَيْهِ بِهِ بِقَوْلِهِ: {عَلَّمَهُ الْبَيَانَ} (٥)؛ وَلِأَنَّ الْإِنْسَانَ إِنَّمَا بَايَنَ سَائِرَ الْحَيَوَانَاتِ، بِالْبَيَانِ بِاللِّسَانِ] (٦) فَلَا بُدَّ مِنْ (٧) أَنْ يَتَعَلَّقَ بِهِ شَيْءٌ مِنْ أَرْكَانِ الصَّلَاةِ، وَقَالَ -صلى الله عليه وسلم-: «تَحْرِيمُهَا التَّكْبِيرُ» (٨) فَدَلَّ أَنَّ بِدُونِهِ لَا يَصِيرُ شَارِعاً، وَتَحْرِيمَةُ الصَّلَاةِ، تَتَنَاوَلُ اللِّسَانَ، أَلَا تَرَى أَنَّ الْكَلَامَ فِي الصَّلَاةِ مُفْسِدٌ لِلصَّلَاةِ، فَلَوْ لَمْ تَتَنَاوَلْهُ التَّحْرِيمَةُ، لَمْ يَكُنْ مُفْسِداً كَالنَّظَرِ بِالْعَيْنِ، وَمَبْنَى الصَّلَاةِ عَلَى الْأَفْعَالِ دُونَ الْكَفِّ، فَكُلُّ مَا تَتَنَاوَلُهُ التَّحْرِيمَةُ، يَتَعَلَّقُ بِهِ شَيْءٌ مِنْ أَرْكَانِ الصَّلَاةِ). (٩)


(١) زيادة من (ب)، والمعنى: وكان قادراً على الأفعال.
(٢) سورة الأعلى: (١٥).
(٣) في (ب): (بظاهر).
(٤) سورة طه: (١٤).
(٥) سورة الرحمن: آية (٤).
(٦) زيادة من (ب).
(٧) (من) ساقطة من (ب).
(٨) انظر: تخريجه في الصفحة السابقة (ص: ٢٦٧).
(٩) "المبسوط"للسرخسي (١/ ١١).