للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والضرب الثاني، زيادة متولدة من المبيع، كالسمن والجمال، فإنها لا تمنع الرد بالعيب في ظاهر الرواية (١)؛ لأن فسخ العقد في الزيادة ممكن هذا تبعاً للأصل؛ لأن الزيادة هنا تمحضت تبعاً للأصل، باعتبار التولد والتفرع، بخلاف الأرش والصبغ والخياطة، أما الأرش فلا يبعه فيه لمكان الانفصال ولعدم التولد والتفرغ، وأما الصبغ والخياطة فللوجه الثاني، وهو عدم التولد، وإن قال البائع: أنا أقبله كذلك وأبى المشتري ذلك، كان للبائع ذلك عند محمد - رحمه الله -، وعند أبي حنيفة وأبي يوسف - رحمهما الله - ليس له ذلك لما في ذلك من إبطال حق المشتري في الزيادة، وصار كالموهوب إذا أراد دار زيادة متصلة وجه قول محمد: إن حق البائع هنا فيما هو أصل، وحق المشتري فيما هو بيع؛ أعني به الزيادة، فكان اعتبار الأصل أولى من العكس.

"والزيادة المنفصلة نوعان أيضاً:

متولدة، كالولد والثمن فإنها تمنع الرد بالعيب والفسخ؛ لأنه لا سبيل إلى فسخه مقصوداً؛ لأن العقد لم يرد على الزيادة، ولا سبيل إلى فسخه تبعاً لانقطاع التبعية بالانفصال.

وغير متولدة (٢) من المبيع، كالكسب، فإنه لا يمنع الفسخ والرد بالعيب، وطريقه أن يفسخ العقد في الأصل دون الزيادة، ونسلم الزيادة للمشتري مجاناً بخلاف الولد، والفرق أن الكسب ليس بمبيع بحال ما؛ لأنه تولد من المنافع، والمنافع غير الأعيان، ولهذا كان منافع الحر مالاً، وإن لم يكن الحر مالاً، وكسب المكاتب والمدبر لا يكون مكاتباً ولا مدبراً، والولد متولد من المبيع، فيكون له حكم المبيع، فلا يجوز أن يسلم له مجاناً؛ لما فيه من الربا

لما قلنا" (٣)، كذا في الفوائد الظهيرية، وشرح الطحاوي، والجامع الصغير لقاضي خان (٤).

وقوله: أو صبغه أحمر، إنما قيد بالأحمر ليكون الزيادة في المبيع بالاتفاق، وأما لو صبغه أسود فكذلك الجواب عند أبي يوسف ومحمد؛ لأن السواد عندهما كالحمرة، وعند أبي حنيفه - رحمه الله - السواد نقصان كالقطع، وإنما تعذر الرد ببيعه إياه فلا يرجع بنقصان العيب] (٥) ويذكر هذا في كتاب الغصب (٦) " (٧) إن شاء الله تعالى.


(١) المبسوط للسرخسي (١٣/ ١٠٣)، المسائل البدرية (٢/ ٦٢١).
(٢) النوع الثاني من الزيادة المنفصلة.
(٣) بدائع الصنائع (٥/ ٢٧٠)، المحيط البرهاني (٦/ ٥٥٤)، تبيين الحقائق (٤/ ٣٥)، العناية شرح الهداية (٦/ ٣٦٧).
(٤) ينظر: فتاوى قاضيخان (٢/ ١٠٥).
(٥) من قوله: "بسبب الزيادة " في ص ١٨٠ إلى قوله: "العيب" سقط من (ب).
(٦) مخطوط رقم ٩٢٤/ أ ونسخ ص ٢٠٩.
(٧) ينظر: المبسوط للسرخسي (١٣/ ٩٨).