للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

(لأن الامتناع لحق الشرع)

لأن الخياطة زيادة، والزيادة تمنع من الرد حقًّا للشرع، فلا يرتفع المانع برضا البائع بخلاف الفصل الأول؛ لأن القطع نقصان، ولهذا لو أغصب ثوباً فقطعه لا/ ينقطع حق المالك، ولو خاطه قميصاً ينقطع كذا في الجامع الصغير لقاضي خان (١)،

فإن باعه المشتري

أي: الثوب المخيط، أو الثوب المصبوغ بالحمرة، والسويق (٢) الملتوت بالسمن، أي المخلوط به.

(قبْله) أي: قبل البيع.

(وعن هذا) أي: عما لو كان المشتري حابساً المبيع لا يرجع بنقصان العيب عند ظهور العيب، وما (٣) لم يكن حابساً، بل امتناع الرد بالعيب لمعنى آخر يرجع بنقصان العيب،

[قالوا (٤): مسألتين: إحداهما:

(اشترى ثوباً فقطعه لباساً لولده الصغير، وخاطه، ثم اطلع على عيب لا يرجع بنقصان العيب)] (٥)

لأنه لما قطعه لباساً لولده الصغير كان واهباً له (٦)، وقابضاً لأصله، فتم الهبة بنفس الإيجاب، ويد الواهب ههنا تقوم مقام يد الصغير، وحق الرد كان ثاتباً قبل القطع، وبالقطع لولده الصغير أبطل حق الرد بالعيب، وكانت (٧) الخياطة بعد القطع له مبطلة حق الرجوع بنقصان العيب؛ لأن علمه بالعيب إنما كان بعد إخراج المبيع عن ملكه، وذلك لا يسوغ له الرجوع بنقصان العيب، وإن ازداد المبيع بالخياطة بعده فصار كما لو وهب (٨) الأجنبي (٩) وسلم ثم علم بالبيع (١٠)، وكان ذكر الخياطة [في هذه الصورة] (١١) وعدم ذكرها بمنْزلة؛ لأنه انقطع حق الرد لمجرد القطع له قبل الخياطة، إلا أنه ذكرها بمقابلة الصورة الثانية وهي المسألة الثالثة، وهي ما إذا كان الولد كبيراً فقطع الثوب الذي اشتراه (١٢) لباساً له وخاطه، ثم علم بالعيب، يرجع بنقصان العيب؛ لأنه لما كان الولد كبيراً لم يتم الهبة له إلا بالتسليم، فكانت الخياطة على ملكه، وكان امتناع الرجوع بسبب الخياطة التي هي زيادة في المبيع، كما لو قطع الثوب المشتري وخاطه لنفسه، أو صبغه أحمر كما مر، لا تحكم الهبة، فلما امتنع حكم الرد في ملكه بسبب (١٣) الزيادة بالخياطة لم يتفاوت بعد ذلك إن أخرجه عن ملكه بالبيع، أو بالهبة بعد العلم بالعيب، أو لم يخرجه في جواز الرجوع بنقصان العيب، كما لو باع المشتري الثوب الذي خاطه لأجل نفسه، أو صبغه أحمر بعد العلم بالعيب، فإن بيعه ذلك لا يمنع الرجوع بنقصان العيب كما مر، فكذلك ههنا لو سلم لولده الكبير بالهبة بعد الخياطة، والعلم بالعيب لا يمنع الرجوع بنقصان العيب فكان ما ذكرنا في الأصل (١٤) من (١٥) الفوائد الظهيرية وهو المذكور في المبسوط مطرداً في هذه المسائل، وهو أن في كل موضع له حق رد المبيع برضا البائع، فإذا باعه المشتري لم يكن له أن يرجع بنقصان عيبه، وفي كل موضع لم يكن له أن يرده، وإن رضي البائع فبيعه إياه لا يمنعه (١٦) من (١٧) الرجوع بنقصان العيب؛ لأن تعذر الرد (١٨) ببيع المشتري إياه، فكأنه حبسه عنده، وأراد الرجوع بنقصان العيب، وكان قطع الثوب لولده الصغير بمنْزلة البيع لما كان في ملكه كما كان، ثم علم بالعيب، فلو باعه ثم علم بالعيب لم يكن له أن يرجع بنقصان العيب، فكذا إذا علم بالعيب بعد القطع لولده الصغير، والقطع والخياطة لولده الكبير بمنْزلة خياطة الثوب الذي في ملكه لأجل نفسه، أو صبغه أحمر، أو لت السويق بسمن فامتنع الرد حينئذ، لا للجنس، بل لأمر شرعي، وهو الزيادة المتصلة بالمبيع، فلم يمنع المبيع (١٩) بعد ذلك عن الرجوع بنقصان العيب، وإن كان عالِماً بعيبه وقت البيع؛ لأن التمليك حصل في الأول، وهو ما إذا قطعه لباساً لولده الصغير، وفي الثاني وهو ما إذا قطع الثوب لباساً لولده الكبير.


(١) ينظر: بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع (٥/ ٣٠٣).
(٢) السويق: دقيق القمح المقلو والشعير والذرة وغيرها. مجمع بحار الأنوار (٣/ ١٥٢).
(٣) "لو" زيادة في (ب).
(٤) "قلنا" في (ب) وهي في هامش (أ).
(٥) ما بين المعقوفتين سقط من (ج).
(٦) سقط من (ب) و (ج).
(٧) "وكانت" في (ب)، وفي (أ) "وكان".
(٨) "وهبه" في (ب).
(٩) سقط من (ب).
(١٠) "بالعيب" في (ب) و (ج).
(١١) ما بين المعقوفتين سقط من (ب)، وهي في هامشه.
(١٢) "له" زيادة في (ب).
(١٣) "بسبب" في (ب) و (ج) وفي (أ) "بسلب".
(١٤) سقطتا من (ب).
(١٥) "في" في (ب).
(١٦) "إياه فلا تمنعه " زيادة في (ب).
(١٧) سقط من (ب).
(١٨) "ههنا بمعنى حكمي دون بيع المشتري إياه، وفي الأول إنما أراد تعذر الرد" في (ب)، وهي في هامش (أ).
(١٩) "البيع" في (ب).