للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأما في الخلع (١) والعتق (٢) على مال فإنه يتوقف شرط (٣) العقد من الزوج والمولى على قبول الآخر وراء المجلس بالإجماع (٤) حتى إن من قال: خالعت امرأتي فلانة الغائبة على ألف درهم، فبلغها الخبر فأجازت أو قبلت صح.

وكذا الإعتاق على مال يتوقف على إجازة العبد وإن كان غائباً، بخلاف البيع والشراء فإنه لا يتوقف، فإن من قال: بعت عبدي هذا من فلان الغائب بألف درهم، وبلغه الخبر فقبله لا يصح؛ لأن شرط العقد لا يتوقف بالإجماع.

فأما النكاح في فلا يتوقف الشرط (٥) عند أبي حنيفة ومحمد - رحمهما الله - وعلى قول أبي يوسف (٦) -رحمه الله - يتوقف، ثم في كل موضع لا يتوقف شرط العقد فإنه يجوز من العاقد الرجوع عنه، ولا يجوز تعليقه بالشرط والإحظار؛ لأنه عقد معاوضة، وفي كل موضع يتوقف شرط (٧) العقد كالخلع والعتق على مال لا يصح الرجوع، ويصح التعليق بالشروط؛ لأنه في جانب الزوج والمولى بمنْزلة التعليق، وفي جانبها بمنْزلة المعاوضة. وكذا في التحفة (٨) وشرح الطحاوي (٩).


(١) الخلع: بالضم اسم، وخالعت المرأة زوجها، واختلعت منه: إذا افتدت منه بمالها، فإذا أجابها إلى ذلك فطلقها قيل: خلعها، وإنما قيل ذلك؛ لأن كلاً منهما لباس لصاحبه، فإذا فعلا ذلك فكأنهما نزعا لباسهما. المغرب في ترتيب المعرب (ص: ١٥١)، طلبة الطلبة (ص: ٥٩).
وشرعاً: قال في الاختيار: "وهو أن تفتدي المرأة نفسها بمال ليخلعها به، وقال: وهو أن تفتدي المرأة نفسها بمال ليخلعها به، فإذا فعلا لزمها المال، ووقعت تطليقة بائنة" وقال الزيلعي: "عبارة عن أخذ المال بإزاء ملك النكاح بلفظ الخلع وشرط". الاختيار (٣/ ١٥٦)، تبيين الحقائق (٢/ ٢٦٧)، الجوهرة النيرة (٢/ ٥٩).
(٢) العتق والعتاق والعتاقة زوال الرق، العتق القوة وحقيقة الرق الضعف. طلبة الطلبة (ص: ٦٣).
وفي الشريعة: عبارة عن إحداث المالكية والاستبداد للآدمي، ومن ضرورته، انتفاء صفة المملوكية. قال في الاختيار: "زوال الرق عن المملوك، وفيه هذه المعاني اللغوية فإنه بالعتق يقوى على ما لم يكن قادراً عليه قبله من الأقوال والأفعال، ويورثه جمالاً وكرامةً بين الناس، ويزول عنه ما كان فيه من ضيق الحجر والعبودية، فيتسع رزقه بسبب القدرة على الكسب" المبسوط للسرخسي (٧/ ٦٠)، الاختيار (٤/ ١٧).
(٣) في (أ) "شطر" وهي كثيرة في كتب الأحناف بمعنى "شرط" وهذه اللفظة الموافقة للمعنى.
(٤) قال في الحاوي الكبير (١٠/ ١٧): "قال الحسن البصري: إن طلقها في مجلس خلعه طلقت، وإن طلقها في غيره لم تطلق".
(٥) في (أ) "الشطر".
(٦) يعقوب بن إبراهيم القاضي الأنصاري، أبو يوسف، قال ابن عبد البر: لا يختلفون أن أبا يوسف القاضي هو يعقوب بن إبراهيم بن حبيب بن خنيس بن سعد بن حبتة الأنصاري، مات ببغداد يوم الخميس وقت الظهر، لخمس خلون من ربيع الأول، سنة اثنتين وثمانين ومائة، وقيل: لخمس ليال خلون من ربيع الآخر سنة إحدى أو اثنتين وثمانين ومائة. الجواهر المضية في طبقات الحنفية (٢/ ٢٢١ - ٢٢٢).
(٧) في (أ) "الشطر".
(٨) تحفة الفقهاء (٢/ ٣٢ - ٣٣).
(٩) ينظر: شرح مختصر الطحاوي (٣/ ٨).