للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَها هُنَا (١) حَكَايَةٌ حُكِي أَنَّ رَجُلاً سَأَلَ أَبَا يُوسُفَ الْقَاضِي -رحمه الله- فَقَالَ:

بِأَيِّ شَيْءٍ تُفْتَتَحُ، بِالْفَرْضِ أَمْ بِالسُّنَّةِ؟

فَذَهَبَ قَلْبُهُ إِلَى التَّكْبِيرَةِ، فَقَالَ: بِالْفَرْضِ.

فَقَالَ السَّائِلُ: أَخْطَأْتَ.

فَقَالَ: بِالسُّنَّةِ، وَذَهَبَ قَلْبُهُ إِلَى رَفْعِ الْيَدِ.

فَقَالَ السَّائِلُ: أَخْطَأْتَ؛ إِنَّمَا تُفْتَتَحُ الصَّلَاةُ بِهِمَا جَمِيعاً فَهُمَا (٢). عَلَى أَنَّهُ مَقْرُونٌ بِالتَّكْبِيرَةِ لَا يَتَقَدَّمُ أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ.

وَقَالَ شَمْسُ/ الْأَئِمَّةِ السَّرْخَسِيُّ -رحمه الله-: (وَالَّذِي عَلَيْهِ أَكْثَرُ مَشَايِخِنَا أَنَّهُ يَرْفَعُ يَدَيْهِ، أَوَّلًا فَإِذَا اسْتَقَرَّتَا فِي مَوْضِعِ الْمُحَاذَاةِ كَبَّرَ؛ لِأَنَّ فِي فِعْلِهِ، وَقَوْلِهِ مَعْنَى النَّفْيِ وَالْإِثْبَاتِ؛ فَإِنَّهُ يَرْفَعُ الْيَدَ بِنَفْيِ الْكِبْرِيَاءِ عَنْ غَيْرِ اللَّهِ تَعَالَى، وَبِالتَّكْبِيرِ يُثْبِتُهَا (٣) لِلَّهِ تَعَالَى؛ فَيَكُونُ النَّفْيُ مُقَدَّماً عَلَى الْإِثْبَاتِ كَمَا فِي كَلِمَةِ الشَّهَادَةِ (٤).


(١) في (ب): (وهكذا).
(٢) في (ب): (فيما أجمعا).
(٣) في (ب): (يُثنيها).
(٤) كلام مرسل لم أجد عليه دليل وقد قال النووي -رحمه الله-: (وَاخْتَلَفَتْ عِبَارَاتُ الْعُلَمَاءِ فِي الْحِكْمَةِ فِي رَفْعِ الْيَدَيْنِ فَقَالَ الشَّافِعِيُّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَعَلْتُهُ إِعْظَامًا لِلَّهِ تَعَالَى وَاتِّبَاعًا لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَالَ غَيْرُهُ هُوَ اسْتِكَانَةٌ وَاسْتِسْلَامٌ وَانْقِيَادٌ وَكَانَ الْأَسِيرُ إِذَا غُلِبَ مَدَّ يَدَيْهِ عَلَامَةٌ لِلِاسْتِسْلَامِ وَقِيلَ هُوَ إِشَارَةٌ إِلَى اسْتِعْظَامِ مَا دَخَلَ فِيهِ وَقِيلَ إِشَارَةٌ إِلَى طَرْحِ أُمُورِ الدُّنْيَا وَالْإِقْبَالِ بِكُلِّيَّتِهِ عَلَى الصَّلَاةِ وَمُنَاجَاةِ رَبِّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى كَمَا تَضَمَّنَ ذَلِكَ قَوْلُهُ اللَّهُ أَكْبَرُ فَيُطَابِقُ فِعْلُهُ قَوْلَهُ وَقِيلَ إِشَارَةٌ إِلَى دُخُولِهِ فِي الصَّلَاةِ وَهَذَا الْأَخِيرُ مُخْتَصٌّ بِالرَّفْعِ لِتَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ وَقِيلَ غَيْرُ ذَلِكَ وَفِي أَكْثَرِهَا نَظَرٌ وَاللَّهُ أَعْلَمُ). شرح النووي على مسلم (٤/ ٩٦).