للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قلت: ذاك لمعنًى فقهيٍّ وهو أن صحة توكيل المحجور عليه قبل الكتابة والإذن لم يكن باعتبار ملك التصرف الذي هو ثابت للآمر وقت الوكالة وإنما ذلك باعتبار ما يحدث له عند التصرف باعتبار الكتابة أو الإذن وقد اعتبر [ذلك] (١) فيصحّ.

وأمّا صحة توكيل المكاتب والمأذون فكانت باعتبار ملك التصرف الذي هو ثابت للآمر وقت الوكالة وقد زال ذلك الملك فيزول حكمه معه وهذا نظير رجل تحته أربع نسوة فوكَّل رجلاً أن يزوّجه [امرأة فزوّجه بعدما [فارق إحداهنَّ] (٢) جاز ذلك ولو كان تزوج أربعًا بعد الوكالة ثُمَّ فارق أحداهنَّ لم يكن للوكيل أن يزوّجه] (٣) بحكم تلك الوكالة والفرق ما ذكرنا إلى هذا أشار فِي المَبْسُوط (٤).

(أَوْ جُنَّ جُنُونًا مُطْبِقاً بَطَلَتِ الْوَكَالَةُ) (٥) قيّد بالإطباق [وهو الدوام] (٦)؛ لِأَنَّهُ لو كان ذهب عقله ساعة أو جنّ ساعة ثُمَّ أفاق فالوكيل على وكالته وجعل هذا/ كالنوم كذا فِي التتمة (٧).

(وَإِنْ لَحِقَ) الوكيل (بِدَارِ الْحَرْبِ مُرْتَدًّا لَمْ يَجُزْ لَهُ التَّصَرُّفُ إلَّا أَنْ يَعُودَ مُسْلِماً) (٨) هذا إِذَا حكم القاضي بلحاقه؛ لِأَنَّهُ ذَكَرَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ -رحمه الله- فِي المَبْسُوط (٩) وإن لحق الوكيل بدار الحرب مرتدًا فإنه لا يخرج عن الوكالة عندهم جميعًا ما لم يقض القاضي بلحاقه، وهكذا أيضاً فيما أشار إليه الإمام شمس الأئمة السَّرْخَسِيُّ -رحمه الله- فِي المَبْسُوط (١٠) أن هذا الاختلاف بين أبي يُوسُف ومُحَمَّد فيما إِذَا قضى القاضي باللحاق بدار الحرب حيث قال: ولو ارتد الوكيل ولحق بدار الحرب انتقضت الوكالة لانقطاع العصمة بين من هو فِي دار الحرب وبين من هو فِي دار الإسلام، وإِذَا قضى القاضي بلحاقه فقد موَّته أو جعله من أهل دار الحرب فتبطل الوكالة، ألا ترَى أن ابتداء التوكيل فِي هذه الحالة لا يصح فإن عاد مسلمًا لم تعد الوكالة فِي قول أبي يُوسُف -رحمه الله- وعادت فِي قول مُحَمَّد -رحمه الله- وجه قول أبي يُوسُف -رحمه الله- أن قضاء القاضي بلحاقه بمنزلة القضاء بموته وذلك إبطال منه بالوكالة وبعدما تأكد بطلان الوكالة بقضاء القاضي لا تعود إلا بالتجديد.


(١) [ساقط] من (ب).
(٢) فِي (أ) (فارقت أحديهن).
(٣) [ساقط] من (ج).
(٤) يُنْظَر: المبسوط؛ للسرخسي (١٩/ ٢٠٥).
(٥) يُنْظَر: بِدَايَةُ المُبْتَدِي (١/ ١٦٣).
(٦) [ساقط] من (ج).
(٧) يُنْظَر: المبسوط؛ للسرخسي (١٩/ ٢٢).
(٨) يُنْظَر: بِدَايَةُ المُبْتَدِي (١/ ١٦٣).
(٩) يُنْظَر: المبسوط؛ للشيباني (٤/ ١٣٥).
(١٠) يُنْظَر: المبسوط؛ للسرخسي (١٩/ ٢٢٨).