للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقوله: (وهذا عند مُحَمَّد (-رحمه الله- إشارة إلى جواز التصرف للوكيل عند عوده مسلمًا، (أَمَّا الْوَكِيلُ يَتَصَرَّفُ بِمَعَانٍ قَائِمَةٍ بِهِ) (١) وهو العقل والقصد فِي ذلك التصرف فِي الذمة الصالحة له لما أن تصرف المجنون والهازل غير صحيح وتصرف المحجور غير موجب للعهدة.

وفِي المَبْسُوط (٢) ومُحَمَّد -رحمه الله- يقول: صحت الوكالة لحق الموكل وحقه قائم بعد لحاقه بدار الحرب ولكنّه عجز عن التصرف بعارض والعارض على شرف الزوال، وإِذَا زال صار كأن لم يكن فبقي الوكيل على وكالته بعد ردّة الوكيل على حاله ولكن [تعذّر] (٣) على الوكيل تحصيل مقصود الموكل بمنزلة ما لو أغمى على الوكيل زماناً ثُمَّ أفاق فهو على وكالته.

(وَلَوْ عَادَ الْمُوَكِّلُ مُسْلِمًا وَقَدْ لَحِقَ بِدَارِ الْحَرْبِ مُرْتَدًّا لَا تَعُودُ الْوَكَالَةُ) (٤) أي: وقد لحق بدار الحرب مرتدًا وقضى القاضي باللحاق ثُمَّ عاد مسلمًا هكذا ذكر فِي المَبْسُوط (٥).

(وَعَنْ مُحَمَّد أَنَّهَا تَعُودُ) (٦)، وحاصله أن أبا يُوسُف -رحمه الله- سوّى بين الفصلين أي: بين ارتداد الموكل وبين ارتداد الوكيل حيث قال بعدم العود فيهما ومُحَمَّدا -رحمه الله- يفرق بينهما فِي ظاهر الرواية حيث يقول بعود الوكالة [فِي ارتداد الوكيل إِذَا جاء مسلمًا فِي جميع الروايات وتقدم عودها] (٧) فِي ارتداد الموكل إِذَا جاء مسلمًا فِي ظاهر الرواية ويقول: إنّ الوكالة تعلقت بملك الموكل وقد زال ملكه بردته ولحاقه فبطلت الوكالة على البتات (٨)، فأمّا بردة الوكيل فلم يزل ملك الموكل فكان محل تصرف الوكيل باقياً ولكنّه عجز عن التصرف بعارض، وإِذَا زال العارض صار كأن لم يكن وفِي السَّيْرِ الكَبِيرِ (٩) يقول مُحَمَّد-رحمه الله-: (١٠) يعود الوكيل على وكالته فِي هذا الفصل أيضاً؛ لِأَنَّ الموكل إِذَا عاد مسلمًا يعاد عليه ماله على قديم ملكه وقد تعلّقت الوكالة بقديم ملكه فيعود الوكيل على وكالته كما لو (وَكَّلَهُ بِبَيْعِ عَبْدِهِ ثُمَّ بَاعَهُ) الموكل (بِنَفْسِهِ وَرُدَّ عَلَيْهِ بِعَيْبٍ بِقَضَاءِ الْقَاضِي) (١١) عاد الوكيل على وكالته فهذا مثله كذا فِي المَبْسُوط (١٢).


(١) يُنْظَر: الهداية شرح البداية (٣/ ١٥٤).
(٢) يُنْظَر: المبسوط؛ للسرخسي (١٩/ ٢٦).
(٣) [ساقط] من (ج).
(٤) يُنْظَر: الهداية شرح البداية (٣/ ١٥٣).
(٥) يُنْظَر: المبسوط؛ للسرخسي (١٩/ ٢٦).
(٦) يُنْظَر: الهداية شرح البداية (٣/ ١٥٣).
(٧) [ساقط] من (ج).
(٨) البتات: أبتت عليه القضاء وبتته، أي قطعته. يُنْظَر: الصِّحَاح؛ للجوهري (١/ ٢٦٤).
(٩) السير الكبير في الفقه؛ للإمام: محمد بن الحسن الشيباني صاحب أبي حَنِيفَةَ (ت ١٨٩ هـ)، وهو: آخر مصنفاته صنفه بعد انصرافه من العراق. كشف الظنون (٢/ ١٠١٣).
(١٠) يُنْظَر: المبسوط؛ للسرخسي (١٩/ ٢٦).
(١١) يُنْظَر: الهداية شرح البداية (٣/ ١٥٣).
(١٢) يُنْظَر: المبسوط؛ للسرخسي (١٩/ ٢٦).