للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أَحَدُهُمَا أَنَّ النَّفْلَ/ أَدْنَى، فَكَانَ مُتَعَيِّنًا، وَالزِّيَادَةُ مَشْكُوكٌ فِيهَا، فَلَا يَثْبُتُ.

[وَالثَّانِي] (١) (وَلِأَنَّ التَّطَوُّعَ مَشْرُوعُ الْوَقْتِ وَغَيْرِهِ، يُوجَدُ بِعَارِضٍ فَصَرَفُ الاسْمِ إِلَى مَشْرُوعِ الْوَقْتِ أَوْلَى) (٢) لِأَنَّ (٣) مَشْرُوعَ الْوَقْتِ، مِنْ غَيْرِهِ، بِمَنْزِلَةِ الْحَقِيقَةِ، مِنَ (٤) الْمَجَازِ، وَالْكَلَاُم لِحَقِيقَتِهِ، وَصَارَ هَذَا؛ كَمَنْ نَوَى الصَّوْمَ، خَارِجَ رَمَضَانَ، وَإِنْ كَانَتْ فَرْضاً؛ فَلَا بُدَّ مِنْ تَعْيِينِ فَرْضٍ، كَالظُّهْرِ، مَثَلاً، هَذَا إِذَا قُرِنَ بِلَفْظِ الظُّهْرِ الْيَوْمَ، أَوِ الْوَقْت؛ إِذَا كَانَ فِي الْوَقْتِ، بِأَنْ قَالَ: ظُهْرُ الْيَوْمِ، أَوْ ظُهْرُ الْوَقْتِ، أَوْ فَرْضُ الْوَقْتِ، (٥) فَأَمَّا إِذَا نَوَى الظُّهْرَ، أَوِ الْفَجْرَ، أَوْ غَيْرَهُمَا، وَلَمْ يَنْوِ ظُهْرَ الْوَقْتِ، فَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ: لَا يُجْزِيهِ؛ لِأَنَّهُ رُبَّمَا كَانَ عَلَيْهِ ظُهْرُ صَلَاةٍ فَائِتَةٍ، فَلَا يَتَعَيَّنُ فَرْضُ الْوَقْتِ، بِهَذَا الاسْمِ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ: يُجْزِيهِ؛ لِأَنَّ ظُهْرَ الْوَقْتِ مَشْرُوعٌ، فِي الْوَقْتِ، وَالْفَائِتَةُ لَيْسَ بِمَشْرُوعِ الْوَقْتِ، بَلْ إِنَّمَا يُوجَدُ بِعَارِضٍ، فَمُطْلَقُهُ يَنْصَرِفُ إِلَى ظُهْرِ الْوَقْتِ، وَلَوْ قَالَ نَوَيْتُ الْفَرْضَ، لَا يَكْفِيهِ أَيْضاً؛ لِأَنَّ الْفَرَائِضَ مُتَنَوِّعَةٌ ظُهْراً وَعَصْراً (٦) وَغَيْرَهُمَا، فَلَا بُدَّ مِنَ التَّعْيِينِ، فَيَجِبُ أَنْ يَنْوِيَ فَرْضَ الْوَقْتِ.


(١) زيادة من (ب).
(٢) ساقطة من (ب).
(٣) في (ب): (أنه).
(٤) في (ب): (و).
(٥) تَنَازَعَ الْعُلَمَاءُ: هَلْ يُسْتَحَبُّ التَّلَفُّظُ بِالنِّيَّةِ سِرًّا أَمْ لَا؟ هَذَا فِيهِ قَوْلَانِ مَعْرُوفَانِ لِلْفُقَهَاءِ. فَقَالَ طَائِفَةٌ مِنْ أَصْحَابِ أَبِي حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيِّ وَأَحْمَد: يُسْتَحَبُّ التَّلَفُّظُ بِهَا؛ كَوْنُهُ أوْكَدَ. وَقَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْ أَصْحَابِ مَالِكٍ وَأَحْمَد وَغَيْرِهِمَا: لَا يُسْتَحَبُّ التَّلَفُّظُ بِهَا؛ لِأَنَّ ذَلِكَ بِدْعَةٌ لَمْ تُنْقَلْ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَا عَنْ أَصْحَابِهِ وَلَا أَمَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَحَدًا مِنْ أُمَّتِهِ أَنْ يَتَلَفَّظَ بِالنِّيَّةِ وَلَا عَلَّمَ ذَلِكَ أَحَدًا مِنْ الْمُسْلِمِينَ وَلَوْ كَانَ هَذَا مَشْهُورًا مَشْرُوعًا لَمْ يُهْمِلْهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابُهُ مَعَ أَنَّ الْأُمَّةَ مُبْتَلَاةٌ بِهِ كُلَّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ. وَهَذَا الْقَوْلُ أَصَحُّ الْأَقْوَالِ. بَلْ التَّلَفُّظُ بِالنِّيَّةِ نَقْصٌ فِي الْعَقْلِ وَالدِّينِ. أَمَّا فِي الدِّينِ فَلِأَنَّهُ بِدْعَةٌ. وَأَمَّا فِي الْعَقْلِ فَلِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ مَنْ يُرِيدُ أَنْ يَأْكُلَ طَعَامًا فَيَقُولُ: نَوَيْت بِوَضْعِ يَدِي فِي هَذَا الْإِنَاءِ أَنِّي أُرِيدُ أَنْ آخُذَ مِنْهُ لُقْمَةً فَأَضَعُهَا فِي فَمِي فَأَمْضُغُهَا ثُمَّ أَبْلَعُهَا لِأَشْبَعَ. انظر: مجموع الفتاوى؛ لابن تيمية (٢٢/ ٢٣١).
(٦) في (ب): (عن ظهر وعصر)