للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

(لأن الأوصاف لا يقابلها شيء من الثمن)

وذلك لأنه لا يخلو إما أن يقابل الثمن بالوصف والأصل، أو بالأول دون الثاني، أو بالثاني دون الأول، [لا يجوز الأول] (١) والثاني؛ لئلا يؤدي إلى مزاحمة البيع الأصل فتعين الثالث؛ ولأن الثمن عين، فيجب أن يكون مقابلاً بالعين دون الوصف. قوله:

(في مجرد العقد)

احتراز عما إذا كانت الأوصاف مقصودة بالتناول، فحينئذ يكون لها قسط من الثمن، حتى إن البائع إذا قطع يد العبد بعد البيع قبل قبض (٢) المشتري (٣) سقط من الثمن بقدره فيجيز المشتري، وعن هذا قلنا: إن الرجل إذا اشترى شاة أو بقرة فحلبها وشرب اللبن، ثم علم بعيبها لم يكن له أن يردها بالعيب، ولكن يرجع بنقصان العيب عندنا (٤).

وقال الشافعي (٥) - رحمه الله - يردها بالعيب بجميع الثمن. وذكر في المبسوط "أن هذه الزيادة في حكم المبيع، ولكن ليس في مقابلتها شيء من الثمن؛ لأنها تبع محض، والثمن يقابل الأصل دون البيع، كأطراف المبيع،/ لا يقابلها شيء من الثمن، إلا أن يصير مقصوداً بالتناول، ومثل هذه الزيادة إن حدثت قبل القبض ثم (قبضها) المشتري مع الأصل صارت مقصودة بالتناول فيقابلها جزء من الثمن ومن ضرورة ذلك (استحقاقه) صفة السلامة فيها، فإذا وجد بها عيباً كان له أن يردها لذلك وقبل القبض لما كان لا يقابلها شيء من الثمن لا يردها مقصوداً، ولكن يردها مع الأصل تبعاً، فأما الزيادة الحادثة بعد القبض فلم تصر مقصودة بالتناول والقبض بحكم العقد فلا يقابلها ثمن، فلهذا لا يكون له أن يردها، ولا يرد الأصل دونها بجميع الثمن؛ لأنها تبقى مبيعة سالمة للمشتري بغير عوض، والربا ليس إلا هذا، ولهذا لا يملك ردها وإن رضي البائع؛ لأنه تعذر الرد بحق الشرع، فلهذا رجع بنقصان العيب" كذا في المبسوط (٦).


(١) ما بين المعقوفتين سقط من (ب).
(٢) "القبض" في (ب).
(٣) سقط من (ب).
(٤) قال القدوري: "إذا طلع المشتري على عيب في المبيع فهو الخيار: إن شاء أخذه بجميع الثمن، وإن شاء رده، وليس له أن يمسكه ويأخذ النقصان" مختصر القدوري (ص: ٨١).
(٥) قال الشافعي: (ولأني لو قلت: يرجع على البائع بما نقص من القيمة أدى إلى أن يحصل للمشتري الثمن والمثمن؛ لأنه قد يشتري عبدًا بمائة يساوي مائتين، فإذا وجد به عيبًا ينقص نصف قيمته، وقد حدث عنده عيب آخر .. جاز له أخذ الأرش، فيأخذ ما نقص وهو مائة، فيحصل له الثمن والمثمن، وهذا لا يجوز). البيان في مذهب الإمام الشافعي (٥/ ٣٠٧)، كفاية النبيه في شرح التنبيه (٩/ ١٩).
(٦) المبسوط للسرخسي (١٣/ ١٠٥).