للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ثُمَّ وَقْتُ العِشَاءِ مُقَسَّمٌ (١) عَلَى ثَلَاثَةٍ؛ لِقِيَامِ الدَّلِيلِ عَلَى ذَلِكَ التَّقْسِيمِ؛ فَلِذَلِكَ لَمْ يَلْزَمْ مِنِ انْتِفَاءِ الكَرَاهَةِ؛ ثُبُوتُ الاسْتِحْبَابِ هُنَاكَ؛ لِتَوَسُّطِ (٢) الإِبَاحَةِ.

وامَّا فِي المَغْرب، فَوَقْتُهُ مُقَسَّمٌ (٣) عَلَى تَعْجِيلٍ وَتَأْخِيرٍ لَا غَيْرَ، فَثَبَتَ فِي أَحَدِهمَا الاسْتِحْبَابُ، [وَفِي الآخرِ الكَرَاهَةُ؛ لِقِيَامِ الدَّلِيلِ عَلَى ذَلِكَ، فَيَصِحُّ الاسْتِدْلَالُ عَلَى ثُبُوتِ الاسْتِحْبَابِ] (٤) بِثُبُوتِ الكَرَاهَةِ فِي ضِدِّهِ لِذَلِكَ، أَلَا تَرَى أَنَّ/ جبرائيل صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِ أَمَّ فِي يَوْمَيْنِ (٥) فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ؛ وَهُوَ أوَّلُ الوَقْتِ؛ لِكَيْلِا (٦) يَقَعَ فِعلُه فِي وَقْتِ الكَرَاهَةِ بِالتَّأْخِيرِ، كَمَا لَمْ يَؤُمَّ فِي النِّصْفِ الأَخِيرِ مِنَ العِشَاءِ لِذَلِكَ مَعَ أَنَّ الوَقْتَ بَاقٍ.

قَوْلُهُ -رحمه الله-: («لَا تَزَالُ أُمَّتِي بِخَيْرٍ مَا عَجَّلُوا المغْرِب» (٧).

هَاهُنَا تَوْقِيتٌ لِلْفِعْلِ؛ بِمَعْنَى المَصْدَرِ أَيْ: زَمَانُ تَعْجِيلِهِمِ المغرب، وَالتَّمَسُّكُ بِهِ ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّ تَعْجِيلَ المغرب؛ لَمَا كَانَ سَبَبَ (٨) ثُبُوتِ الخَيْرِ بِهِمْ؛ كَانَ التَّعْجِيلُ مُسْتَحَبًّا؛ لِأَنَّهُ لَا يُرَادُ مِنَ الاسْتِحْبَابِ إِلَّا الوُصُولُ إِلَى الخَيْرِ.

وَذَكَرَ فِي " المَبْسُوطِ ": (وأخَّرَ ابْنُ عُمَرَ أَدَاءَ المغربِ يَوْمَاً؛ حَتَّى بَدَا نَجْمٌ، فَأَعْتَقَ رَقْبَةً، وَعُمَرُ -رضي الله عنه- رَأَى نَجْمَيْنِ طَالِعِينِ قَبْلَ أَدَائِهِ المَغْرِبَ، فَأَعْتَقَ رَقَبَتَيْنِ) (٩).


(١) فِي (ب): (منقسم).
(٢) فِي (ب): (لتوسيط).
(٣) فِي (ب): (منقسم).
(٤) زيادة من (ب).
(٥) فِي (ب): (اليومين).
(٦) فِي (ب): (لَكِنَّ لا).
(٧) هذا حديث رواه أبو داود في سننه (١/ ٣١٢) بغير هذا اللفظ فقد ورد بلفظ: «لَا تَزَالُ أُمَّتِي عَلَى الْفِطْرَةِ مَا لَمْ يُؤَخِّرُوا المغرب حَتَّى يَشْتَبِكَ النُّجُومُ».
وقال الزيلعي في نصب الراية للزيلعي (١/ ٢٤٦): (قُلْت: غَرِيبٌ).
(٨) فِي (ب): (بسبب).
(٩) ينظر: "المَبْسُوطِ" للسرخسي (١/ ١٤٤)، البناية شرح الهداية للعيني (٢/ ٢٦).