للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

(فكذا بالأَدنى) وهو الردّة يعني: أنّ الرِّقّ أقوى مِن الردّة في المانعية من التصرُّف لأنّ بعض تصرُّفات المرتدِّ نافذة بالإجماع (١) كالاستيلاء. وعندهما عامّة تصرُّفاته نافذةكالبيع والشراء وغيرهما (٢). وأمّا العبد فممنوع عن التصرّفات كلِّها، ثُمّ لما لم يَتوقَّف تصرُّف المكاتب مع أنَّه رقيق لم يَتوقَّف تصرُّفه أيضًا مع أنَّه مرتدٌّ (بالطريق الأولى) (٣).

قلت لشيخي في هذا: لا يلزَم مِن عدم منع الرِّقّ المكاتب عَن التصرُّف عدم منع الردَّة عنه لأنَّه إذا لم يمنعه كلُ واحدٍ منهما عند الانفراد جاز أنْ يمنعاه عند الاجتماع لأنَّ للاجتماع تأثيرًا كما في الشَّاهدين؛ ثُمَّ اجتمع ههنا للمكاتب هذا ثلاثةُ أوصاف: كونه مكاتبًا ورقيقًا ومرتدًا، فَجاز أنْ يكون ممنوعًا عند اجتماع هذه الأوصاف.

قال: أمَّا الكتابة فهي مطلَقة للتصرُف لا مانعة، وأمّا الرقُّ والردّة فكلُّ واحدٍ منهما علَّة في المنع عن التصرُّف بانفراده، فلا يثبت الرِّجحان بزيادة العلّة كما إذا [أقام] (٤) أحد المدَّعيين أربعةً من الشهود، بَل الرِّجحان إنّما يثبت بوصفٍ في العلَّة لا بالعلَّة نفسِها لِما عرف (٥).


(١) للفقهاء في تصرفات المرتد وكونها موقوفة أو نافذة تفصيل حاصله أنها موقوفة عند أبي حنيفة ومالك والحنابلة ورأي عند الشافعية، فإن عاد إلى الإسلام نفذت تصرفاته بإجازة الشارع. والصاحبان من الحنفية والشافعية في رأي عندهم أن تصرفاته نافذة. ومبنى هذا الخلاف أن من قال بنفاذ تصرفاته قال: إنه أهل للتصرف وقد تصرف في ملكه ولم يوجد سبب مزيل للملك، وأن كل ما يستحقه هو القتل. أما الوجه الآخر فإنّهم يرون أنه بالردة صار مهدر الدم وماله تبع له، ويتريث حتى يستبين أمره. فبعض تصرفاتالمرتد هي المجمع عليها لا كلها.
حاشية ابن عابدين (٣/ ٣٠١)، والمبسوط (١٠/ ١٠٤)، ومنح الجليل (٤/ ٤٦٩)، وحاشية الدسوقي (٣/ ٣)، والأم (٦/ ١٥١)، وحاشية الجمل (٣/ ١١٧ - ١١٩)، (٤/ ٥٠)، ومنتهى الإرادات (٢/ ٥٠٣)، والمغني (٦/ ٤٧٦) ط الرياض، (٤/ ١٠) ط المنار، وزوائد الكافي (ص ٨٦).
(٢) المبسوط للسرخسي (١٩/ ١٤).
(٣) ينظر العناية شرح الهداية (٦/ ٩١).
(٤) في (أ) "قام".
(٥) العناية شرح الهداية (٦/ ٩١ - ٩٢).