للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

ويعود بإحرام جديد، فإن قلتَ: لما كان الطواف الأول بمنزلة العدم بسبب فحش الجناية، وهو الجنابة كان هو في إحرامه (١) أبدًا، فإنه قال بعد هذا: ولو لم يطف طواف الزيارة حتى رجع إلى أهله فعليه أن يعود بذلك الإحرام، وهو محرم من النساء أبدًا حتى يطوف صرح بتأييد الإحرام عند عدم الطواف، فكيف يحتاج إلى إحرام جديد هاهنا مع أن ذلك الطواف بمنزلة العدم على ما ذكر؟

قلتُ: لأن التحلل قد وقع له من وجه؛ لأن أصل الطواف قد وجد، وقد ذكرنا أنه بذلك الطواف صار حلالًا في حق النساء، فبالنظر إلى وقوع التحلل من وجه ينبغي أن يحرم إذا عاد إلى مكة؛ لأنه لا يحل لأحد أن يدخل مكة من غير إحرام إذا كان من أهل الآفاق، والكلام فيه، فلذلك يعود بإحرام جديد كذا في «مبسوط فخر الإسلام» (٢) -رحمه الله- إلا أن الأفضل هو العود، فيكون الجابر من جنس المجبور، وهو الطواف.

(ومن طاف طواف الصدر محدثاً فعليه صدقة) (٣).

(فأشبه النقصان بسبب الحدث).

وفي رواية أبي حفص -رحمه الله- سوى بين الحدث.

(والجناية في ذلك) أي: في وجوب الصدقة، أي: تجب الصدقة في طواف الصدر سواء كان جنبًا أو محدثًا؛ لأن طواف الجنب معتد به ألا ترى أن التحلل من الإحرام يحصل به في طواف الزيارة فلا يجب بسبب هذا النقصان ما يجب بتركه أصلاً، كذا في «المبسوط» (٤).

(لأن النقصان يترك الأقل يسير).

لرجحان جانب الوجود، ويبعث بشاة. وفي «المبسوط» (٥)، وإن كان طاف أربعة أشواط أجزأه أن لا يعود، ولكن يبعث بشاتين إحديهما لما بقي عليه من أشواط الطواف، فالدم الآخر لطواف الصدر، وإن اختار العود إلى مكة يلزمه إحرام جديد؛ لأن التحلل قد حصل له من الإحرام الأول، فإذا عاد بإحرام جديد، وأعاد ما بقي من طواف الزيارة، وطاف للصدر أجزأه، وكان عليه لتأخير كل شوط من أشواط طواف الزيارة صدقة؛ لأن تأخير الكل كما كان يوجب الدم عنده، فتأخير (٦) الأقل لا يوجب الدم، ولكن يوجب الصدقة، فإن طاف الأول من طواف الزيارة، وطاف للصدر في آخر أيام التشريق يكمل طواف الزيارة من طواف الصدر؛ لأن استحقاق طواف الزيارة عليه أقوى/ فما أتى به مصرفه (٧) إلى إكماله، وإن نواه عن غيره لما بينا، وهو قوله: (لأنه خف معنى النقصان)، وفيه نفع الفقراء.


(١) في (ب): إحرام.
(٢) انظر: بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع (٢/ ١٣٥)، البحر الرائق شرح كنز الدقائق (٣/ ٢٥).
(٣) انظر: بداية المبتدي (١/ ٥١).
(٤) انظر: المبسوط (٤/ ٤٤).
(٥) انظر: المبسوط (٤/ ٤٣).
(٦) في (ب): فتأخر.
(٧) في (ب): مصروف.