للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

(ولهذا لو استحق أحدهما)

أي: بعد قبضهما.

(ليس له أن يرد الآخر)

أي: ليس للمشتري أن يرد الآخر، بل يلزم العقد على المشتري في الآخر، وبهذا يستدل على أن تفريق الصفقة بعد القبض جائز، وإن كان لا يجوز قبل القبض (١) في صورة الاستحقاق، فيجب أن يكون في خيار العيب كذلك، وهو أن لا يجوز قبل القبض، ويجوز بعد القبض، ولكن هذا الذي ذكره في الاستحقاق بأنه يلزم العقد في الآخر، ولا يبقى له ولاية رد الآخر بعد القبض فيما لا يضره التبعيض كالعبدين، فاستحق أحدهما، وأما إذا كان يضره التبعيض كالعبد الواحد، أو كالثوب الواحد فاستحق بعض العبد أو بعض الثوب، فله أن يرد الآخر، وهو قوله في الكتاب بعد هذا مخطوط بقوله: وإن كان ثوباً فله الخيار، ومراده بعد القبض إنما قيد بهذا؛ لأنه إذا كان قبل القبض لا يتفاوت الحكم من المكيل والموزون وبين سائر الأعيان من العبيد والثياب، في أنه لا يجوز تفريق الصفقة برد المعيب خاصة، بل عدم جواز التفريق شامل في الكل، سواء كان في خيار العيب أو في خيار الاستحقاق، وسواء كان في العبيد والثياب، أو في المكيل والموزون، [وأما إذا كان بعد القبض فيجوز التفريق فيما عدا المكيل والموزون] (٢)، وأما المكيل (٣) والموزون فلا يجوز التفريق بعد القبض فيهما، خاصة إذا كان في وعاء واحد، على ما هو اختيار المشائخ، كما لا يجوز قبل القبض/ فيهما وفي سائر الأعيان.

وقيل: هذا إذا كان في وعاء واحد. "وبعض المتأخرين يقولون: هذا إذا كان الكل في وعاء واحد، فأما إذا كان في وعائين فوجد ما في أحد الوعائين معيباً، فله أن يرد ذلك بالعيب (٤) إن شاء، بمنْزلة الثوبين والجنسين، كالحنطة والشعير؛ لأنه يرده على الوجه الذي خرج منه ضمان البائع، والأظهر في الجنس الواحد بصفة واحدة أنه كشيء واحد، سواء كان في وعاء واحد أو في وعائين، فأما أن يرد الكل أو يمسك الكل" كذا في المبسوط (٥).

(لأن المكيل إذا كان من جنس واحد)

كالحنطة مثلاً، هذا إصدار عما إذا كان المكيل من جنسين، كالحنطة والشعير، فإن هناك لا يكونان كشيء واحد حتى جاز للمشتري أن يرد المعيب هناك خاصة.

(فهو كشيء واحد)

كالثوب والدار والعبد، ففي الشيء الواحد إذا وجد ببعضه عيباً ليس له إلا رد الكل أو إمساك الكل؛ لأنه لو رد الجزء المعيب في الشيء الواحد (٦) كان شركة بين البائع والمشتري في ذلك العين، والشركة في الأعيان المجتمعة عيب، فلو رد المعيب خاصة يرده بعيب زائد، وليس له ذلك، ولو تعيب المبيع عند المشتري بعيب لم يبق له ولاية الرد فكذا هنا.


(١) "ويجوز بعد القبض، ولكن هذا الذي ذكره في" زيادة في (ب).
(٢) ما بين المعقوفتين سقط من (ب).
(٣) "في "زيادة في (ب).
(٤) " المعيب" في (ب).
(٥) المبسوط (١٣/ ٩٠).
(٦) "إذا وجد ببعضه عيبا ليس" زيادة في (ج).