للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وذكر في المحيط (١) وكل فرقة توجب التحريم مؤبدًا فإن الطّلاق لا يلحق المرأة لأنّه لا يظهر له أثر وإذا ارتد الرجل ولحق بدار الحرب لم يقع على المرأة طلاقه لأن تباين الدّارين مناف للنكاح فكان منافياً للطّلاق الذي هو من أحكام النكاح فإن عاد إلى دار الإسلام وهي في العدّة وقع عليها الطّلاق لأنّ المنافي وهو تباين الدّارين قد ارتفع ومحليّة الطّلاق بالعدّة وأنها قائمة فيقع الطّلاق وإذا ارتدت المرأة ولحقت بدار الحرب لم يقع طلاق الزّوج عليها عند أَبِي حَنِيفَةَ -رحمه الله- لأنّ العدّة قد سقطت عنها عنده لفوات المحلية لأن من كان في دار الحرب فهو كالميّت في حقّنا وبقاء الشّيء في غير محلّه مستحيل والعدّة متى سقطت لا تعود الا بعود سببها بخلاف الفصل الأوّل؛ لأن هناك العدة باقية ببقاء محلّها لأنّها في دار الإسلام إلا أنّ تباين الدّارين كان مانعًا وقوع الطّلاق فإذا ارتفع المانع والعدة باقية وقع وقال أَبُو يُوسُف -رحمه الله- يقع الطّلاق لأنّ العدّة باقية.

وذكر في طلاق الْمَبْسُوطِ (٢) من حيث المعنى إذا ملك أحد الزّوجين الآخر وقعت الفرقة بغير طلاق ثم لا يقع طلاقه عليها لأنّ ملك رقبتها كما تنافي أصل ملك النكاح تنافي ملك اليد بسبب النكاح وبه كان محلاً لوقوع الطّلاق عليها فلهذا لا يقع طلاقه عليها.

قوله: -رحمه الله- وَإِن لم يدْخل بهَا فَلَا مهر لَهَا وَلَا نَفَقَة (٣).

فإن قيل: قوله ولا مهر مستقيم فما فائدة ذكره ولا نفقة إذ المسلمة إذا كانت غير مدخولة ووقعت الفرقة لا تجب النّفقة على زوجها.

فحينئذ لا يرتاب أحد في عدم وجوب النّفقة في المرتدّة إذا كانت غير مدخولة.

قلنا: قوله ولا نفقة راجع إلى ما ذكر قبيلة وهو قوله وإن كانت هي المرتدّة فلها كل المهر إن دخل بها ولكن لا نفقة لها لأنّ الفرقة من قبلها ما روي أن بني حنيفة ارتدوا. حنيفة أبو حيي من العرب وهو حنيفة بن [لجيم] (٤) بن صعب بن علي بن بكر بن وائل كذا في الصّحاح (٥).

قوله: -رحمه الله- لِجَهَالَةِ التَّارِيخِ (٦) جواب لسؤال وهو ما ذكره فخر الإسلام في مبسوطه بقوله.

فإن قيل: لأن ارتدادهم ما كان جملة بالإجماع فكيف يستقيم التعلّق به.


(١) يُنْظَر: المحيط البرهاني (٣/ ٢٧٣).
(٢) يُنْظَر: الْمَبْسُوطِ (٦/ ٨٨).
(٣) يُنْظَر: البداية (١/ ٦٦).
(٤) زيادة من (ب).
(٥) يُنْظَر: الصحاح (٤/ ١٢٤٧).
(٦) يُنْظَر: الهداية شرح البداية (٢/ ٥٢٠).