للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأمّا اختلاف الدّين فعينه لا ينافي النكاح حتى يجوز ابتداء النكاح بين المسلم والكتابية وكذلك الإسلام لا ينافي النكاح فإنّ النكاح نعمة وبالإسلام تصير النعم محرزه له فلذلك لا تقع الفرقة هناك إلا بقضاء القاضي كذا في الْمَبْسُوطِ (١).

وذكر في المحيط (٢) إذا ارتدّ أحد الزّوجين وقعت الفرقة بينهما في الحال هذا جواب ظاهر الرّواية.

وأمّا بعض مشايخ بلخ وبعض مشايخ سمرقند كانوا يفتون بعدم الفرقة بارتداد المرأة حسمًا لباب المعصية وعامتهم على أنّه تقع الفرقة إلا أنّها تجبر على الإسلام والنكاح مع زوجها الأوّل لأنّ الحسم يحصل بالجبر على النكاح مع الأوّل ومشايخ بخارى كانوا على هذا ووجهه أنّ الردّة منافية للنكاح لما ذكرنا أنّ الفرقة بالردة لفوات صفة الحل وذلك مناف للنكاح.

ألا ترى أنّ الفرقة لا تتوقف على قضاء القاضي فكان نظير المحرمية وقد ذكرنا من (الْمَبْسُوطِ) (٣).

فإن قلت: [لو كانت الردّة منافية للنكاح كالمحرمية] (٤) ينبغي أن لا يقع طلاق بالمرتدّ إذا طلق امرأته بعد الارتداد كما في المحرمية ومع هذا لو طلقها يقع بالاتفاق على ما يجيء في سبر هذا الكتاب.

قلت: فقد أشار في الأسرار إلى أنّ ردّة أحد الزّوجين سبب موجب الفرقة على سبيل المنافاة حكمًا لا وضعًا بدليل أنّ الردّة اسم لتبديل الدّين لا لقطع النكاح شرعًا ووضعًا وكذلك يصح في غير نكاح ولأنّ الفرقة عقيب الردّة بلا فصل واقعة بالإجماع في غير المدخول بها ثبت أنّها وقعت لمنافاة بينهما حكمًا إذ لا ثالث هاهنا وإذا كان كذلك كانت المحلّية باقية من حيث الوضع والحقيقة لانعدام تأييد الحرمة فكانت المرتدّة في العدّة محلاً للطّلاق وغير باقية من حيث الحكم فجعلناه فسخًا عملاً بالشّبهين بخلاف الحرمة الثّابتة بالمحرميّة لأنها مؤبدّة فكانت منافية للنكاح من كل وجه فلم تبق محلاً للطّلاق لانعدام فائدة أثر الطّلاق.

وحاصله أنّ الفرقة إذا وقعت بين الزّوج وامرأته بخيار البلوغ أو خيار العتاقة بعد الدّخول ووجبت عليها العدة فلو طلّقها في هذه العدّة لا يقع في المنتقى لأنّه فسخ والعقد إذا فسخ يجعل كأنّه لم يكن.

وقال في المحيط (٥) والأصل أنّ المعتدة بعدة الطّلاق يلحقها الطّلاق والمعتدة بعدّة الوطئ لا يلحقها الطّلاق ولو أسلم أحد الزّوجين لا يقع على الآخر طلاقه وكل فرقة توجب الحرمة مؤبدًا فإنّ الطّلاق لا يلحق المرأة وكذا لو اشترى منكوحته لم يلحقها الطّلاق هذا المجموع من الخلاصة.


(١) يُنْظَر: الْمَبْسُوطِ (٥/ ٤٩).
(٢) يُنْظَر: المحيط البرهاني (٣/ ١٤١).
(٣) يُنْظَر: الْمَبْسُوطِ (٥/ ٤٧).
(٤) زيادة من (ب).
(٥) يُنْظَر: المحيط البرهاني (٣/ ٤٦٤).