للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فإن قيل: لو خرجت حاملاً اعتدت بالإجماع ولو لم يكن لملكه خطر لما وجبت العدّة في صورة الحمل أيضاً قلنا هناك لا تعتد ولكنها لا تتزوج لأن في بطنها ولد إثابت النّسب وهذا كما قيل أنّ فراش أمّ الولد لا يمنع التزويج ولو كان في بطنها ولد لم يجز.

فإن قيل: أبلغ ما في الباب أن يكون سقوط الحرمة بتباين الدّارين في حكم السّقوط بالموت وهناك وجبت العدّة قلنا أنّ الموت لا يوجب سقوط الحرمات أصلاً فإنّ التركة مبقاء على أصل ملكه وإنّما أسقط الموت الحرمة في حقيقة صفة مالكيته وذلك منقطع بالموت حتّى لا يصح منه إضافة الطّلاق إلى ما بعد الموت ولكن بقيت الحال المملوكة على حكم ملكه لبقاء الحرمة حكمًا فلزمتها العدة بحكم الملك لا بحقيقته وبتباين الدّارين أسقطت الحرمة حقيقة وحكمًا حتّى أنّ المرتد الذي يلحق بدار الحرب يصير بمنزلة الميّت حكمًا فتورث أملاكه ويعتق مدّبروه فأوجب الزّوال لا إلى أثر ملكه كذا في الأسرار فإذا ظهر الفراش في حق النّسب يظهر في حق المنع من النكاح وهذا هو الأصح بخلاف الحبل من الزنى لأنّ الحبل من الزنى لا نسب له وهنا النّسب ثابت من الحربي وباعتبار ثبوت النّسب المحل مشغول فلهذا لا يصحّ النكاح ما لم يفرغ المحلّ عن حق الغير كذا في الْمَبْسُوطِ (١)، وإذا ارتد أحد الزّوجين عن الإسلام وقعت الفرقة سواء دخل بها أو لم يدخل بها عندنا وعند الشّافعي-رحمه الله- (٢) إن كان لم يدخل بها فكذلك وإن كان بعد الدّخول يتوقف انقطاع النكاح على انقطاع ثلاث حيض بناء على أصله على ما مرّ وسواء كانت امرأته مسلمة أو كتابية أو مجوسيّة بصورة المسلمة والكتابية ظاهرة.

وأمّا صورة المجوسية فهي ما إذا كان الزّوج كتابياً والمرأة مجوسية فأسلم الزّوج ثم ارتد عن الإسلام بانت منه فإنّ النكاح بعد إسلامه باق ما لم يفرق القاضي بينهما.

ألا ترى أنّها لو أسلمت كانا على نكاحهما منفردة بالردّة في حال بقاء النكاح موجب للفرقة وقال ابن أبي ليلى-رحمه الله- لا تقع الفرقة بردّة أحدهما قبل الدّخول ولا بعده حتّى يستتاب المرتد فإن تاب فهي امرأة وإن مات أو قبل ورثته وجعل هذا قياس إسلام أحد الزّوجين ولكنّا نقول الردّة تنافي النكاح والمرض (٣) السّبب المنافي موجب للفرقة بنفسه كالمحرمية.


(١) يُنْظَر: الْمَبْسُوطِ (٥/ ٥٨).
(٢) يُنْظَر: الأم (٦/ ١٦٠)، اللباب في الفقه الشافعي (١/ ٢٩٧).
(٣) وفي (ب): (واعتراض).