للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وعن ابن سلام (١): باني المسجد أولى بالعمار، والقوم أولى بنصب الإمام والمؤذن.

وعن الإسكاف (٢): الباني أحق بذلك.

قال أبو الليث: وبه نأخذ إلا أن يُنَصَّب، والقوم يريدون من هو أصلح لذلك (٣).

(وَتَكْرَارِ الجَمَاعَةِ إِذَا سَبَقَهُمْ بِهَا غَيْرُ أَهْلِهِ (٤) أي: يفرق حكم تكرار الجماعة في المسجد بحسب أنَّهم أهل المسجد أو غيرهم، فإنَّ أهل المسجد لو صلوا فيه بجماعة لا يكون لغيرهم أن يصلوا فيه بجماعة، وغير أهل المسجد لو صلوا فيه بجماعة فلأهل المسجد أن يصلوا فيه بجماعة بعد ذلك بجماعة، فعلم بهذا أن أهل المسجد مع غير أهل المسجد ليسوا بسواء.

أو نقول: لا يبعد أن يكون المسلمون فيما هو المقصود وهو الصَّلاة فيها سواء، ثم مع ذلك يختص أهل المسجد بالتدبير فيه، كالكعبة، والنَّاس فيما هو المقصود وهو الطَّواف سواء، ثم اختص بنو شيبة (٥) بالتَّدبير فيه، حتَّى أنَّ النبي -عليه السلام-: «لما أخذ المفتاح منهم يوم الفتح، نزل عليه الوحي يأمره بالردِّ فقال: {* إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ

إِلَى أَهْلِهَا} (٦) (٧).


(١) الفقيه أبو نصر، محمد بن محمد بن سلام البلخي، من أقران أبي حفص الكبير، روى عن يحيى بن نصير البلخي (ت ٣٠٥ هـ). يُنْظَر: الجواهر المضية (٢/ ١١٧).
(٢) هو: مُحَمَّد بن أحمد أبو بكر الإسكاف البلخي، فقيه حنفي، إمام كبير جليل القدر، أخذ الفقه عن مُحَمَّد بن سلمة وعن أبي سليمان الجوزجاني. وتفقه عليه أبو بكر الأعمش مُحَمَّد بن سعيد وأبو جعفر الهندواني. من تصانيفه: "شرح الجامع الكبير للشيباني". (ت ٣٣٦ هـ). يُنْظَر: الجواهر المضية (٢/ ٢٨)، الفَوَائِد البهية (١٦٠).
(٣) يُنْظَر: تبيين الحقائق (٦/ ١٤٦)، العناية شرح الهداية (١٥/ ٣٤٧)، البناية شرح الهداية (١٣/ ٢٤١، ٢٤٢)، تكملة البحر الرائق (٨/ ٤٠١)، الفتاوى الهندية (٦/ ٤٤).
(٤) الهداية شرح البداية (٤/ ١٩٤).
(٥) هذه النسبة إلى شيبة بن عثمان بن أبي طلحة الحجبي من بني عبد الدار بن قصي من سدنة الكعبة. يُنْظَر: الأنساب؛ للسمعاني (٣/ ٤٨٦).
(٦) سورة النساء من الآية (٥٨).
(٧) الحديث أصله في البخاري (٤/ ١٥٦٢)، في (كتاب المغازي)، في (باب دخول النبي -صلى الله عليه وسلم- من أعلى مكة)، برقم (٤٠٣٨) من غير ذكر الآية وسبب النزول. وأمَّا الحديث بتمامه، فقد ذكره الزيلعي في تخريج الأحاديث والآثار (١/ ٣٢٩)، برقم (٣٣٧)، بلفظ «روي أن النبي -صلى الله عليه وسلم- حين دخل مكة يوم الفتح غلق عثمان بن طلحة الحجبي باب الكعبة وصعد السطح وأبى أن يدفع المفتاح إليه وكان عثمان سادن الكعبة وقال: لو علمت أنه رسول الله لم أمنعه فلوى علي -رضي الله عنه- يده وأخذه منه وفتح ودخل -صلى الله عليه وسلم- وصلى ركعتين فلما خرج سأله العباس أن يعطيه المفتاح ويجمع له السقاية والسدانة فنزلت: {* إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا} فأمر عليا أن يرده إلى عثمان ويعتذر إليه فقال عثمان لعلي: أكرهت وآذيت ثم جئت ترفق فقال: لقد أنزل الله في شأنك قرآنا وقرأ عليه الآية فقال عثمان: أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله فنزل جبريل وأخبر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن السدانة في أولاد عثمان أبدا». ثم قال الزيلعي: قلت غريب وذكره الثعلبي ثم البغوي في تفسيرهما هكذا من غير سند. وذكر ابن حجر في الفتح (٨/ ١٩): أنه مرسل.