للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

(وَإِذَا كَانَ المَسْجِدُ لِلعَشِيرَةِ (١) فالعشيرة: القبيلة ذكرها في «الصِّحاح» (٢) ولكن المراد بها هنا أهل المسجد (٣).

(أَوْ جَعَلَ فِيهِ)، (حَصَاةً (٤) يعني: سنك زائد من عرض مسجد را (٥).

(وَإِن كَانَ الَّذِي فَعَلَ ذَلِكَ مِن غَيْرِ العَشِيرَةِ يَضْمَنُ (٦).

هذا إذا فعله غير العشيرة بغير إذن العشيرة، أمَّا لو فعله بإذنهم فلا يضمن بالاتِّفاق (٧)؛ لأنَّ فِعْلَ غير العشيرة بإذنهم كفعل العشيرة.

ألا ترى أنَّ من حفر بئراً في طريق المسلمين بإذن الإمام فوقع فيها إنسان لم يضمن، كما لو حفر الإمام بنفسه، وأمَّا إذا فعلوا ذلك بغير إذن أهل المحلَّة أن أحدثوا بناء أو حفروا بئراً فعطب ههنا إنسان فإنَّهم يضمنون بالإجماع (٨)؛ لأنَّ أهل المحلة في حق المسجد بمنزلة الملاك وغير أهل المحلة بمنزلة الأجانب، والأجنبي لو فعل هذا في ملك غيره يضمن فكذا هنا.

وأمَّا إذا وضعوا جُبًّا ليشربوا منه الماء أو بسطوا حصيراً أو بواري (٩) أو علَّقوا قنديلاً بغير إذن أهل المحلة فَتَعَقَّل إنسان بالحصير فعطب أو عطب بغيره قال أبو حنيفة -رحمه الله-: بأنَّهم يضمنون، وقال أبو يوسف ومحمَّد -رحمهما الله-: لا يضمنون (١٠).

قال الإمام شمس الأئمة الحلواني -رحمه الله-: أكثر مشائخنا أخذوا بقولهما في هذه المسألة وعليه الفتوى كذا ذكره في «الذَّخيرة».

وذكر الإمام التمرتاشي: لو ضاق المسجد بأهله فلهم أن يمنعوا من ليس منهم عن الصّلاة فيه.


(١) بداية المبتدي (٢٤٩).
(٢) الصحاح؛ للجوهري (٢/ ٣١١).
(٣) يُنْظَر: الجامع الصغير (٥١٥)، البناية شرح الهداية (١٣/ ٢٤٠).
(٤) بداية المبتدي (٢٤٩).
(٥) عبارة فارسية تعني: حجر زائد من عرض المسجد.
(٦) بداية المبتدي (٢٤٩)، وهو لفظ محمد في الجامع الصغير. يُنْظَر: الجامع الصغير (٥١٥).
(٧) باتفاق أبي حنيفة وأصحابه. يُنْظَر: الجامع الصغير (٥١٥)، مجمع الضمانات (١/ ٤١١).
(٨) يُنْظَر: تكملة البحر الرائق (٨/ ٤٠١)، الفتاوى الهندية (٦/ ٤٤).
(٩) بواري جمع بوريا، قال الأصمعي: البوريا بالفارسية وهو بالعربية بارى وبوري، ويقصد بها: الحصير. وقال الجوهري: الباريا والبوريا: التي من القصب. يُنْظَر: الصحاح، للجوهري (٢/ ١٦٠)، المخصص (٤/ ٢٢٣)، المغرب في ترتيب المعرب (١/ ٧١).
(١٠) يُنْظَر: الجامع الصغير (٥١٥).