للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قوله: فَالْفَوَائِتُ جَائِزَةٌ عَلَى كُلِّ حَالٍ، أي: قدمها على الوقتيات، أو أخرها عنها، والوقتيات فاسدة إن قدمها؛ لأنه متى أدَّى صلاة من الوقتيات (١) صارت هي سادسة المتروكات إلا أنه لما قضى متروكة بعدها عادت المتروكات خمسًا، ثم لا يزال هكذا، فلا يعود إلى الجواز، وإن أخرها، أي: آخر الوقتيات عن الفوائت، فكذلك لا يجوز الوقتيات إلا العشاء الأخيرة، فإنها جائزة أما فساد ما وراء العشاء الأخيرة من الوقتيات؛ لأنه كلما صلى فائتة عادت الفوائت أربعًا، ففسدت الوقتية ضرورة، وأما العشاء الأخيرة فما ذكر من الجواب أنها جائزة محمول على ما إذا كان الرجل جاهلًا؛ لأنه صلاها، وعنده أنه لم يبق عليه، فائتة فصار (٢) كالناسي، وأما إذا كان الرجل عالمًا لا تجزئه العشاء الأخيرة أيضًا؛ لأنه صلاها، وعنده أن عليه أربع صلوات، وهذه الرواية/ دليل على ما ذكره من الأظهر في الرواية، وهو أن الترتيب يعود عند عود الفوائت إلى القلة بعد سقوطه بسبب كثرة الفوائت (٣). كذا في «المحيط» (٤)؛ لأنه لا فائتة عليه في ظنه حال أدائها، أي: حال أداء العشاء الأخيرة الوقتية، والظن متى كان في فصل مجتهد فيه يقع معتبرًا، فإن عند الشافعي هي جائزة لما أنه لا يرى في وجوب الترتيب، فوقع ظن هذا الظان على وفق مذهبه، فيحكم بالصحة لذلك، وإن كان وقع خطأ، وهذا كما يقول في القصاص إذا كان بين اثنين فعفا أحدهما، فظن صاحبه أن عفو أخيه لا يؤثر في حقه، فقبل ذلك القاتل (٥)، فإنه لا يقاد منه، ومعلوم أن هذا قتل بغير حق، ولكن لما كان متأولًا مجتهدًا في ذلك صار ذلك التأويل مانعًا وجوب القصاص. كذا في «المحيط» (٦).

فإن قلت (٧): يشكل على هذا ما إذا صلى به (٨) الظهر على غير وضوء ناسيًا، ثم صلى العصر على وضوء ذاكرًا للظهر، وهو يحسب أنه يجزئه، فعليه أن يعيدهما جميعًا، فعلى قياس ما ذكر هنا أنه لا فائتة عليه في ظنه حال أدائها كان ينبغي أن لا يجب قضاء العصر ثانيًا لما أنه لما (٩) قضى الظهر، فقد وقع في زعمه أنه قضى جميع ما عليه، ولم يبق عليه شيء من الفائتة، والترتيب غير واجب على مذهب الشافعي، فكان ظنه هاهنا أيضًا موافقًا لمذهبه كما مرَّ (١٠).


(١) - ساقط من ب (أو أخرها عنها، والوقتيات فاسدة إن قدمها؛ لأنه متى أدَّى صلاة من الوقتيات)
(٢) - في ب لم يبق الفوائت عليه فصار بدل من لم يبق عليه فائته فصار
(٣) انظر: العناية شرح الهداية: ١/ ٤٩٣، ٤٩٤.
(٤) انظر: المحيط البرهاني: ٢/ ٣٩.
(٥) - في ب فقيل ذلك القايل بدل من فقبل ذلك القاتل
(٦) انظر: المحيط البرهاني: ٢/ ٣٩، ٤٠.
(٧) - في ب قيل بدل من قلت
(٨) - ساقط من ب (به)
(٩) - في ب لأنه لما قضى بدل من لما أنه لما قضى
(١٠) انظر: العناية شرح الهداية: ١/ ٤٩٤.