للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قصاصًا بِمَالَهُ على الآخر (١)، وقال بمالَهُ بفتح اللام أي بالذي له (وترثان منه (٢) ميراث أب (٣) واحد)؛ لأنّ التعدد حقيقة في الأب محال، ويشتركان على السّواء لعدم إمكان التّرجيح، كما إذا قلنا: البينة يعني إذا أقاما البينة على شيء يكون ذلك الشّيء مشتركًا بينهما على السّواء، فكذا هنا أو إذا أقاما البينة على ابن مجهول النّسب فالحكم هكذا فكذا هنا.

وعن أبي يوسف -رحمه الله- أنّه لا يعتبر تصديقه أي تصديق المكاتب؛ بل يثبت بمجرّد دعوة المولى؛ كما في الأب والجامع بينهما أن جارية المكاتب كسب كسب المولى؛ فكذلك جارية الابن كسب كسب المولى، (٤) هذا في المساواة. أو نقول: للمولى في المكاتب ملك الرقبة؛ وليس للأب على الابن ملك الرقبة ولا ملك اليد، بل للأب في مال الابن حقّ التملّك، وحق الملك أقوى من حق التملك، فلما ثبت للأب نسب الولد من جارية الابن بدون الملك على الابن وعلى جاريته بغير تصديق الابن، فَلَأن يَثْبُت للمولى نسب الولد من جارية المكاتب بغير تصديق المكاتب مع حقيقة الملك للمولى على المكاتب أولى. ألا ترى أن المولى لو أعتق المكاتب يصح مع أنّه لا عتق فيما لا يملكه ابن آدم؟ فعلم أنّ الملك للمولى عليه ثابت.

ووجه الظّاهر وهو الفرق أي الفرق بين استيلاد جارية الابن/ حيث لا يشترط التّصديق وبين استيلاد جارية المكاتب حيث يشترط التّصديق هو (أنّ المولى حجر على نفسه عن التصرف في كسب المكاتب والدّعوة تصرف فلا تنفذ (٥) إلا بتصديق المكاتب، بخلاف الأب؛ فإنّه ما حجر على نفسه عن التصرف في مال الولد عند الحاجة فلا يحتاج إلى تصديق الولد، ثمّ عند التّصديق من المكاتب (لا تصير الجارية أم ولد للمولى)؛ لأنّ حق الملك ثابت له في كسبه وذلك كاف لإثبات نسب الولد.

[٤١٩/ أ] ألا ترى أن (٦) بعجزه ينقلب حقيقة ملك فلا حاجة به إلى التملك، وليس للأب في مال الولد ملك ولا حق ملك، ولا يمكن إثبات النّسب منه إلا باعتبار تملك الجارية؟ يوضحه أنّه ليس للمولى حق التملّك في كسب المكاتب عند الحاجة، وللأب ذلك في مال الولد) كذا في المبسوط. (٧)


(١) العبارة كاملة (وعلى كل واحدٍ منهما نصف العقر قصاصًا بماله على الآخر، ويرث الابن من كل واحدٍ منهما ميراث ابن كاملٍ، وهما يرثان منه ميراث أبٍ واحدٍ). انظر: اللباب في شرح الكتاب (٣/ ١٢٥).
(٢) " منه " سقط من (ب).
(٣) " أب " هكذا في (ب) وهو سقط من (أ).
(٤) " المولى " هكذا في (أ) و (ب)، وفي البناية: الأب، وهو الصواب.
(٥) " تنفذ " في (ب) ينفذ، وكلاهما صواب، ويكون التقدير على ما جاء في (أ) فلا تنفذ الدعوة إلا بتصديق المكاتب، ويكون على ما جاء في (ب) فلا ينفذ التصرف إلا بتصديق المكاتب.
(٦) " أن " هكذا في (ب) وهي سقط من (أ).
(٧) انظر المبسوط للسرخسي (٧/ ١٧٦).