للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[٤١٨/ ب] قوله: لأنّ الملك هنالك يثبت شرطًا للاستيلاد فيتقدّمه فالضّمير المستكن في [فيتقدمه] راجع إلى الملك، والضّمير البارز فيه راجع إلى الاستيلاد أي يتقدّم/ الملك الاستيلاد.

قوله: معناه إذا حملت على ملكهما، وإنّما قيّد بهذا؛ لأنّه إذا كان الحمل على ملك أحدهما نكاحًا (ثمّ اشتراها هو وآخر فهي أم ولد له؛ لأنّ نصيبه منها صار أم ولد له، والاستيلاد لا يحتمل التجزي فيثبت في نصيب شريكه أيضًا). كذا في المبسوط (١)

يرجع إلى قول القافة: هي جمع القائف كالباعة والحاكة في جمع البائع والحايك وهو الذي يتتبع (٢) آثار الآباء في الأبناء من قاف أثره إذا اتبعه والقيافة في بني مدلج منهم المجزز (٣).

لا يتخلق من مائين (٤) أي من ماء محلين، وقد سُر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بقول القائف في أسامة (٥) وهو ما روي عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنّه دخل على عائشة -رضي الله عنها- وأسارير وجهه تبرق من السّرور فقال: «أما علمت أن مجززًا المدلجي (٦) مرّ بأسامة وزيد وهما تحت قطيفة (٧) قد غطى وجوههما وأرجلهما باديةً فقال إنّ هذه الأقدام بعضها من بعض» (٨) ولو كان الحكم بالشّبه باطلًا لما جاز إظهار السرور، ولوجب عليه الردّ والإنكار كذا في الإيضاح (٩). وهو للباقي منهما (١٠)، أي الولد يكون للأب الباقي من الأبوين اللّذين كانا إذا مات أحدهما؛ حتّى يكون كلّ ميراث الابن للأب الحي، ولا يكون نصفه لورثة الأب الميّت، في سبب الاستحقاق وهو الملك، ولكن تتعلّق به أحكام متجزئة، كالنّفقة وولاية التصرف في ماله والحضانة، فما يقبل التجزئة كالإرث، وما لا يقبلها كالنّسب وهو ماله من الحق في نصيب الابن بفتح اللام في ماله أي لوجود المرجّح في حق الأب، وذلك المرجح ما أثبت الشّارع للأب من حقّ التمليك في نصيب الابن، وهو قوله -عليه السلام-: «أنت ومالك لأبيك» (١١). وسرور النبي -عليه السلام- إلى آخره (١٢) هذا جواب عمّا تمسّك به الشّافعي (١٣) -رحمه الله- وذكر في الإيضاح. وأمّا الحديث فإظهار السّرور إنما كان لزوال طعن الكفار؛ لأنّهم كانوا يطعنون في نسبه، وكانوا يعتقدون قول القافة حجة، ولا يضمن واحد من قيمة الأم شيئًا، لأنّ نصيبه بقي على ملكه، وأمّا العقر فقد أقر (كل واحد منهما لصاحبه بنصف العقر فيلتقيان قصاصًا) كانوا يطعنون بضم العين من باب نَصَرَ، فيصير نصيبه منها أمّ ولد له. (فإذا ثبت أنّها أم ولد لهما قلنا: تخدِم كلّ واحد منهما يومًا كما كانت تفعله قبل هذا؛ لأنّه لا تأثير للاستيلاد في إبطال ملك الخدمة، وإذا مات أحدهما عتقت، ولا ضمان للشّريك في تركة الميّت بالاتفاق؛ لوجود الرضاء منهما بعتقها (١٤) عند الموت، ولا سعاية عليها في قول أبي حنيفة -رحمه الله-، وعلى قول أبي يوسف ومحمّد -رحمهما الله- تسعى في نصف قيمتها للشّريك، ولو أعتقها أحدهما في حياته عتقت، ولا ضمان على المعتق للشّريك، ولا سعاية في قول أبي حنيفة -رحمه الله-، وعندهما يضمن المعتق نصف قيمتها أم ولد لشريكه إن كان موسرًا، وتسعى في نصف قيمتها إن كان (١٥) المعتق معسرًا، وأصل المسألة أن رق أمّ الولد ليست بمال متقوّم) في قول أبي حنيفة -رحمه الله-، وعلى قولهما هو مال متقوّم، وقد ذكرنا في [باب العبد يعتق بعضه] الدلائل من الطّرفين كذا في المبسوط. (١٦)


(١) انظر المبسوط للسرخسي (٧/ ١٥٩).
(٢) " يتتبع " هكذا في (ب) وفي (أ) يتبع، والصواب ما في (ب).
(٣) بنو مرة بن عبد مناة بن كنانة: مدلج، بطن، وفيهم القيافة والعيافة؛ فمن بني مدلج، سراقة بن مالك بن =جعشم بن مالك بن عمرو بن مالك بن تيم بن مدلج، الذي اتبع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ليرده فظهرت فيه تلك الآية حتى صرفه الله تعالى عنه؛ ومجزّز المدلجي، الذي سر النبي -صلى الله عليه وسلم- بقيافته، وهو مجزّز ابن الأعور بن جعدة بن معاذ بن عتوارة بن عمرو بن مدلج؛ وابنه علقمة بن مجزز، له صحبة.
انظر: جمهرة أنساب العرب لابن حزم (١/ ١٨٧)، الأنساب للسمعاني (٩/ ٣٥٧)، نهاية الأرب في معرفة أنساب العرب (١/ ٤١٦).
(٤) " مائين " هكذا في (ب) وفي (أ) ماين، والصواب: ماءين.
(٥) أسامة بن زيد ابن حارثة بن شراحيل بن عَبْدِ العُزَّى بنِ امْرِئِ القَيْسِ، المَوْلَى الأَمِيْرُ الكبير.
حب رَسُولِ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- ومولَاهُ، وابن مولَاهُ. اسْتَعْمَلَهُ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- على جيشٍ لغزو الشَّام، وفي الجيشِ عُمَرُ والكبار، فلم يسر حتى تُوُفِّي رسولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- فَبَادَرَ الصِّدِّيْقُ ببعثِهِم، فأغاروا على أبنى من ناحِيَةِ البَلْقَاءِ، وقيل: إِنَّه شهد يوم مُؤتَةَ مع والده، وقد سكن المزة مُدَّةً، ثُمَّ رجع إلى المدِينَةِ فمات بها، وقيل: مات بِوَادِي القُرَى. انظر: سير أعلام النبلاء (٤/ ١٠٧)، الإصابة في تمييز الصحابة لبن حجر العسقلاني (١/ ٢٠٢).
(٦) مجزّز المدلجي القائف. وهو مجزّز بن الأعور بن جعدة بن مُعَاذ بن عتوارة بن عَمرو بن مدلج الكناني المدلجي. وَإِنما قيل لَهُ «مجزز»، لأنه كَانَ كلما أسر أسيرا جز ناصيته.
انظر: أسد الغابة (٤/ ٢٩٠)، الإصابة (٥/ ٥٧٥).
(٧) الْقَطِيفَةُ: دِثَارٌ مُخَمَّلٌ. انظر: المغرب (١/ ٣٨٩)، الصحاح (٤/ ١٤١٧)، (قطف).
(٨) عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: دخل عَلَيَّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ذات يومٍ وهو مَسرُورٌ، فقال: " يا عائشة، ألم تَرَي أَنَّ مُجَزِّزًا المُدلِجِيَّ دخل عَلَيَّ فَرأى أسامة بن زيدٍ وَزَيدًا وعليهما قَطِيفَةٌ، قد غَطَّيَا رُءُوسَهُمَا وبدت أقدَامُهُمَا، فقال: إن هذه الأقدامَ بعضُها من بعضٍ ". صحيح البخاري (٨/ ١٥٧) كتاب الفرائض، رقم (٨٥) باب القائف، رقم الحديث: (٦٧٧١)، وصحيح مسلم (٢/ ١٠٨١)، كتاب الرضاع، رقم (١٧) باب العمل بإلحاق القائف الولد، رقم (١١)، رقم الحديث: (١٤٥٩). (القطيفة) ثوب له خمل.
(٩) انظر: العناية (٥/ ٥٠).
(١٠) المسألة بتمامها (وَلَنَا كتابُ عمر - رضي اللَّهُ تعالى عنه - إلى شُرَيحٍ في هذه الحادِثة: لَبَّسا فلُبِّس عليهما، ولو بَيَّنَا لَبُيِّنَ لَهُما، هو ابنُهُما يرِثُهُما ويرثانِهِ وهو للباقي منهما، وكان ذلك بِمحْضرٍ من الصَّحابة - رضي اللَّهُ عنهم - أجمعين) انظر: العناية (٥/ ٥١ - ٥٢).
(١١) عن جابر بن عبد الله، أن رجُلًا قال: يا رسول الله إن لي مالا وولدًا، وإِن أبي يُرِيدُ أن يَجتَاحَ مالي، فقال: «أَنْتَ وَمَالُكَ لِأَبِيك» أخرجه ابن ماجه في سننه (٢/ ٧٦٩)، كتاب التجارات، رقم (١٢)، باب ما لِلرَّجُل من مال ولده، رقم (٦٤)، رقم (٢٢٩١) تعليق محمد فؤاد عبد الباقي في الزوائد إسناده صحيح ورجاله ثقات على شرط البخاري.
حكم الألباني صحيح. انظر: ارواء الغليل (٣/ ٣٢٣)، رقم (٨٣٨).
ورواه أحمد في مسنده مخرجا (١١/ ٥٠٣)، مسند المكثرين من الصحابة، مسند عبدالله بن عمرو بن العاص، رقم الحديث: (٦٩٠٢)، ومصنف ابن أبي شيبة (٤/ ٥١٦)، في كتاب البيوع والأقضية، رقم (١٣)، في الرجل يأخذ من مال ولده، رقم الحديث (٢٢٦٩٤)، والبيهقي في الكبرى (٧/ ٧٨٩)، كتاب النفقات، رقم (٤٩)، باب نفقة الأبوين، رقم الحديث (١٥٧٤٨).
(١٢) جواب لما تقدم قوله: (وقد سُرَّ رسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّم).
(١٣) قال الشَّافعِيُّ - رضي اللَّهُ عنه -: فلو لم يَعتَبِر قوله لمنعَهُ من المُجازَفَةِ؛ لأنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم - لا يُقِرُّ على خطأٍ ولا يُسَرُّ إلَّا بحقٍّ) انظر: تحفة المحتاج في شرح المنهاج لأحمد الهيتمي (١٠/ ٣٤٨).
(١٤) " الرضاء منهما بعتقها " هكذا في (ب) وفي (أ) الرضاء منهما بعتقهما، والصواب ما في (ب).
(١٥) "موسرا وتسعى في نصف قيمتها إن كان" هكذا في (ب) وهو سقط من (أ).
(١٦) انظر: المبسوط للسرخسي (٧/ ١٦٠).