للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وكفر الأب، ورقه بمنزلة موته (١)، وكذا جنونه.

(فادّعاه أحدهما (٢) في صحته أو مرضه فهو ابنه؛ لأنّه تملك جزءًا منها، وقيام الملك في جزء منها كقيام ملكه في جميعها في صحّة الدّعوى؛ فإنّ اعتبار جانب ملكه يثبت النّسب منه بالدّعوى، واعتبار جانب ملك شريكه يمنع من ذلك، فيغلب المثبت للنسب احتياطًا، ألا ترى أنّه يسقط الحد عنه بهذا الطّريق ويجب العقر (٣) فكذلك يثبت النّسب منه بالدّعوة، ويضمن نصف قيمتها لشريكه يوم وطئها فعلقت؛ لأنّ أمية الولد تثبت لها من وقت العلوق فيصير متملكًا نصيب شريكه عليه من ذلك الوقت ولا يتملكها إلا بعوض؛ فلهذا يضمن نصف قيمتها من ذلك الوقت وعليه نصف عقرها؛ لأنّ أصل الوطئ حصل منه ونصفها ملك للشّريك وقد سقط الحدّ بشبهة فيجب العقر؛ وإنما قلنا ذلك؛ لأنّ تملك نصيب الشّريك ههنا حكم الاستيلاد لا شرطه، فإن قيام ملكه في نصفها يكفي لصحّة الاستيلاد وحكم الشّيء يعقبه وليس عليه من قيمة الولد شيء، لأن الولد علق حر الأصل باعتبار قيام الملك له في نصفها وقت العلوق؛ ولأنّه حين علق كان ماء مهينًا لا قيمة له وضمان نصف قيمتها عليه في حالتي اليسار والعسرة لأنّه ضمان التملك). كذا في المبسوط (٤).

فيتعقبه الملك في نصيب صاحبه هذا على اختيار بعض المشايخ، وأمّا الأصح من المذهب فالحكم مع علّته يقترنان، لما عرف في أصول الفقه.

قوله: بخلاف الأب إذا استولد متّصل بقوله: ويضمن نصف عقرها أي الأب لا يضمن عقر جارية الابن إذا استولدها، وأمّا في مسألتنا وهي استيلاد الجارية المشتركة أحد الشّريكين فيضمن نصف عقرها، والفرق بينهما هو أن الملك في مسألتنا يثبت متأخرًا عن الوطئ؛ لأنّه حكم الوطئ المعلّق؛ لأنه لما ثبت الاستيلاد ثبت الملك في نصيب الشريك بالضّمان فكان الوطئ مصادفًا ملك الغير في حق النّصف فيضمن نصف العقر، بخلاف الأب فإن وطئه مصادف ملك نفسه تقديرًا ضرورة تصحيح، الاستيلاد إذ المصحّح للاستيلاد حقيقة الملك، وهي ثابتة مقتضى لتصحيح الاستيلاد والمقتضي يثبت مقدمًا على المقتضى؛ لأنّه شرط صحّة المقتضى فلذلك قدم الملك على الاستيلاد، وهو الوطئ هناك فلما قدم الملك على الوطئ كان وطئ الأب مصادفًا ملك نفسه فلا يجب العقر.


(١) هذه المسألة لم يتطرق المؤلف لها بالتفصيل و المسألة كاملة هي: " وإن وطئ أب الأب مع بقاء الأب لم يثبت النسب " لأنه لا ولاية للجد حال بقاء الأب "ولو كان الأب ميتا ثبت من الجد كما يثبت نسبه من الأب " لظهور ولايته عند فقد الأب وكفر الأب ورقه بمنزلة موته لأنه قاطع للولاية. انظر: الهداية (٢/ ٣١٥).
(٢) المؤلف لم يبين المسألة من أولها وهي"وإذا كانت الجارية بين شريكين فجاءت بولد فادعاه أحدهما ثبت نسبه منه" انظر: الهداية (٢/ ٣١٥).
(٣) العقرُ: صداقُ المرأةِ إذا وطئت بشبهةٍ، وأصله أن واطيء البكر يعقرها: إذا افتضها، فسمّي ما تعاطاه للعقر عقراً، ثم صار عاماً لها وللثّيب، والجمعُ أعقار.
انظر: لسان العرب (٤/ ١٨٥)، (عقر)، أنيس الفقهاء (١٥١).
(٤) انظر المبسوط للسرخسي (٧/ ١٥٦ - ١٥٧).