للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأما شرعًا، فقد ذكر في «الإيضاح» القسمة: جميع (١) النصيب الشائع في مكان معين (٢).

وأما سببها، فطلب كل واحد من الشريكين الانتفاع بملكه على وجه الخصوص.

وفي «المبسوط»: «وإنما تجب القسمة عند طلب بعض الشركاء؛ لأن كل واحد من الشريكين قبل القسمة ينتفع بنصيب صاحبه، فالطالب للقسمة يسأل القاضي أن يخصه بالانتفاع بنصيبه، ويمنع الغير من الانتفاع بملكه، فيجب على القاضي إجابته إلى ذلك» (٣).

وأما ركنها، فهو الفعل الذي يحصل به الإقرار والتمييز بين النصيبين؛ كالمكيل في المكيلات، والوزن في الموزونات، والزرع/ في المزروعات، والعد في المعدودات.

وأما شرطها، فهو أن لا يفوت منفعته بالقسمة، وعن هذا قال في «المبسوط» في باب (ما لا يقسم [ولا يقسم: الحمام والحائط وما أشبه ذلك بين الشركاء لما فيها من الضرر)، والمقصود بالقسمة: توفير المنفعة] (٤)، فإذا أدى ذلك إلى الضرر لم يجبر القاضي عليه إلى أن قال: «وإن رضوا بالهدم في الحائط وقسمة الأسهم بينهم لم يباشر القاضي ذلك؛ لما فيه من إتلاف الملك، ولكن إن فعلوا (٥) فيما بينهم لم يمنعهم عن ذلك، وكذلك في البيت الصغير لا يقسمه (٦) القاضي بينهم»» (٧).

وقال في «الأسرار»: «والحمام لا يجب قسمته؛ لأن المنفعة القائمة قبل القسمة تفوت بالقسمة، فلم تكن القسمة إفراز (٨) للحق الشائع حيث يضمن فوات تلك المنفعة فلم يجب».

وأما دليل شرعيتها، فهو ما ذكر في «المبسوط»، وقال: «وجوازها بالكتاب والسنة؛ أما الكتاب فقوله تعالى: {وَنَبِّئْهُمْ أَنَّ الْمَاءَ قِسْمَةٌ بَيْنَهُمْ} (٩)، والسنة: ما اشتهر من قسمة رسول الله -عليه السلام- الغنائم بين أصحابه، وقسمة المواريث، وغير ذلك (١٠).


(١) في (ع): «جمع».
(٢) ينظر: العناية: ٩/ ٤٢٥، البناية: ١١/ ٣٩٨.
(٣) ينظر: المبسوط: ١٥/ ٥.
(٤) ما بين المعكوفين ساقط من: (ع).
(٥) في (ع): «حصلوا».
(٦) في (ع): «يقسم».
(٧) ينظر: المبسوط: ١٥/ ٥٢.
(٨) في (ع): «إقرار».
(٩) سورة القمر، من الآية: ٢٨.
(١٠) ورد في قسم الغنائم وتوزيع الميراث أحاديث عدة، أما قسمة الغنائم، فمنها: حديث عبد الله بن زيد أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لما فتح حنينًا قسَّم الغنائم، فأعطى المؤلفة قلوبهم، فبلغه أن الأنصار يحبون أن يصيبوا ما أصاب الناس، فقام رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فخطبهم، فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: «يا معشر الأنصار، ألم أجدكم ضلالاً، فهداكم الله بي؟ وعالة، فأغناكم الله بي؟ ومتفرقين، فجمعكم الله بي؟» ويقولون: الله ورسوله أمنّ، فقال: «ألا تجيبوني؟» فقالوا: الله ورسوله أمنّ، فقال: «أما إنكم لو شئتم أن تقولوا كذا وكذا، وكان من الأمر كذا وكذا» لأشياء عددها، زعم عمرو أن لا يحفظها، فقال: «ألا ترضون أن يذهب الناس بالشاء والإبل، وتذهبون برسول الله إلى رحالكم؟ الأنصار شعار والناس دثار، ولولا الهجرة لكنت امرأ من الأنصار، ولو سلك الناس واديًا وشعبًا، لسلكتُ وادي الأنصار وشعبهم، إنكم ستلقون بعدي أثرة، فاصبروا حتى تلقوني على الحوض». أخرجه مسلم في صحيحه: ١/ ٤٠٨، كتاب الزكاة، باب إعطاء المؤلفة قلوبهم، برقم: ١٠٦١.
وأما أحاديث توزيع الميراث، فمنها: عن عبد الله بن عمر أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: «ما كان من ميراث قسم في الجاهلية فهو على قسمة الجاهلية، وما كان من ميراث أدركه الإسلام فهو على قسمة الإسلام». أخرجه ابن ماجه في سننه: ١/ ٩١٨، كتاب الفرائض، باب قسمة المواريث، برقم: ٢٧٤٩، والطبراني في «الأوسط»: ٦/ ٣١٢، برقم: ٦٤٩٩. قال الألباني: صحيح. ينظر: إرواء الغليل: ٦/ ١٥٧.